هيمنت الرسوم الصخرية والنقوش النبطية على أولى جلسات المؤتمر الأول للآثار والسياحة في محافظة العلا أمس، حيث تناول الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذيب ورقته (نقوش نبطية جديدة من موقع سرمداء) التي جاءت نتاج دراسة لـ (67) نقشا نبطيا عثر عليها في واجهة لجبل يقع بـ "سرمدا" شمال محافظة العلا، مستعرضا المضامين اللغوية والتاريخية والاجتماعية التي أبرزتها هذه المجموعة من النقوش النبطية.

وفي الورقة الثانية قال الدكتور سامي محمد زلط إن الرسوم الصخرية بشكل عام ورسوم الحيوانات بشكل خاص لم تلق العناية الكافية بالرغم من الكم الهائل والمتنوع لتلك الرسوم والتي تحكى تاريخا حافلا لحضارات ازدهرت وشاركت في صناعة التاريخ البشري في منطقة هامة من مناطق العالم وهى شبه الجزيرة العربية. وتابع زلط في ورقته (الرسوم الصخرية للحيوانات في العلا)، أن العلا محطة هامة في هذا الإطار، لأنها تحتوي على مواقع أثرية تظهر فيها الرسوم الصخرية للحيوانات البرية المدونة على الصخور في الجبال، حاصرا التهديدات التي تواجه تلك الرسومات ومقترحا بعض الحلول للتغلب عليها.

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها مدير جامعة حائل الدكتور خليل إبراهيم الإبراهيم دعا الفرنسي كريستين جوليان من خلال ورقته "الممالك بشبه الجزيرة العربية أثناء الفترات المتأخرة" إلى ضرورة حصر جميع ممالك الجزيرة العربية، وسماتها وعناصر قوتها وطبيعة العلاقات الاجتماعية والسياسية من خلال الأدلة المتوافرة التي تشير إليها.

من جهته تحدث الباحث الألماني الدكتور محمد مرقطن من جامعة هايدلبرج عن الشعائر الدادانية اللحيانية، ذاكرا أن حفريات جامعة الملك سعود في العلا والاكتشافات التي أظهرتها تعطي صورة واضحة عن أحد أهم المراكز الحضارية في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وقد طورت مملكة لحيان هويتها الحضارية الخاصة، وحافظت على خصوصيتها. ومن أهم سماتها الكتابة والقلم الداداني-اللحياني المتميز. وأضاف أنه منذ منتصف الألف الأول قبل الميلاد إلى القرون الأولى الميلادية كتب أهل هذه الديار بقلمهم الخاص المئات من وثائقهم التاريخية، والكثير منها تحتوي على معلومات دينية، وهي في معظمها ذات طبيعة نذرية، وتذكر كثيرا القرابين التي قدّمت لإرضاء الآلهة، ووثّقت طقوسا دينية كالحج مثلا.

وفي ختام فعاليات اليوم الأول للمؤتمر عقدت ورشتا عمل، ناقشت الأولى (الفخار القديم.. فخار شمال غرب المملكة القديم: مدلولاته الحضارية والزمنية)، وتضمنت محاورها تاريخ البحث ونوعيته ومصداقية التصنيف والأبعاد الزمنية والحضارية والأدلة الطبقية والمقارنة والعناصر الزخرفية والأشكال المميزة. وجاءت ورشة العمل الثانية عن (الاستثمار السياحي).

إلى ذلك كرم الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة مجموعة من المواطنين بمحافظة العلا مساء أول من أمس أعادوا قطعاً أثرية للهيئة العامة للسياحة والآثار. وثمن أمير منطقة المدينة المنورة للمواطنين مبادرتهم التي تجسد وعيهم بأهمية هذه الآثار وقيمتها العالية وضرورة أن تحفظ في مكانها الصحيح، وعرضها في متاحف المملكة والتعريف بها، إضافة إلى إجراء الدراسات البحثية عليها. وذكر أن مبادرة المواطنين تأتي استجابة لدعوة الهيئة العامة للسياحة والآثار قبل نحو عام للمواطنين والمقيمين الذين يحتفظون بمجموعات أثرية تخص المملكة سواء كانوا داخل المملكة أو خارجها لإعادة ما لديهم من قطع أثرية لحفظها وعرضها كجزء من ذاكرة الوطن.