المال أحياناً يفسد العلاقات العائلية.. يتجلى ذلك بوضوح في مسائل الإرث.. تعيش الأسرة الكبيرة في راحة بال وصفاء ومودة ورغدٍ من العيش حتى يموت الرجل الأول.. حيث تنقلب الحياة رأساً على عقب!

يصل الصراع على المال إلى التفريق بين الأخ وأخيه وأخته.. بل وتصل الأمور إلى قاعات المحاكم.. ويزداد الأمر سوءاً إلى أن يصل إلى تعطيل ثروات هائلة وعقارات، وكساد ممتلكات بسبب هذه الصراعات..

يروي لي أحدهم كيف أن ثروة كبيرة تركها لهم والدهم ما يزالون عاجزين عن التصرف بها لصراعات داخل الأسرة.. الأب متزوج من أكثر من امرأة.. هناك أبناء غير أشقاء.. اندلعت الخلافات بعد انقضاء أيام العزاء.. ما تزال حتى اليوم منذ عشر سنوات تقريباً.. يملكون لكنهم لا يملكون شيئاً!

قصر النظر لدى كبير الأسرة، يوقع أفراد أسرته في مشاكل كبيرة بعد رحيله.. يشغلون المحاكم سنوات طويلة.. ولولا بقيةٌ من قيم لوجدت أغلب الأسر السعودية تتكدس في المحاكم.. لكن تجذر بعض القيم في النفوس، واحترام الكبير، ووضع الثقة فيه، يحد من طغيان المال أحياناً.. أقول أحياناً؛ لأن النفس البشرية أمّارة بالسوء. فالكبير قد يعمد إلى تأخير تقسيم الإرث.. أو يتأخر في صرف الأرباح أو الحقوق.. قد يبدد المال، خاصةً أن المال غير مقيد أحياناً!

كما قلت قبل قليل صراعات الورثة تنعكس سلباً وتجمد أموالا كثيرة.. مزارع كثيرة - مثلاً - ورثها الأبناء وماتوا دون أن يحلوا المشكلة.. وورّثوها للأحفاد.. عقارات كثيرة وأراض ومؤسسات.. كلها تعثرت بسبب صراعات الورثة.

يفترض على الأب حينما يكون متزوجاً بأكثر من امرأة - أو حينما يكبر أولاده - أن يضعهم على بيّنة من الأمر فيما يتعلق بأمواله وأملاكه - إن كان يملك شيئاً - ولا يتركهم للمجهول حينما يرحل.. فتدب الصراعات بينهم ويتفرقون وتنشأ البغضاء بينهم، ويشغلون المحاكم!