يعرف المتابع منذ الأيام الأولى لثورة سورية أن هناك حشداً طائفياً متحالفا مع النظام السوري من الإيرانيين وحزب الله وبعض الألوية في ميليشيات عراقية.. لا يخفى على أحد ذلك، ومع فظاظته واستفزازه وبشاعة عذر تحالفه، إلا أن سقف النزاع كان سورياًّ بين النظام والثورة، والطرفان مدعومان من أطراف دولية وإقليمية، وكل طرف يعلن داعموه أعذارهم لدعمه وعدم سماحهم بسقوطه، وهذه نواميس الحروب الأهلية على مدى التاريخ، إلا أن ما يحدث في سورية شهد انعطافة تاريخية في تاريخ نزاعات الشرق الأوسط، وذلك بأن يعلن زعيم ميليشيا مسلحة التدخل العسكري في دولة أخرى.. وهو حدث يؤكد سقوط مفهوم الدولة في الشرق الأوسط الجديد، ويؤكد ـ أيضا ـ على أن "حزب الله" أصبح الدولة الـ23 العربية.. وهذا ما حذر منه العقلاء منذ سنوات بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، مؤكدين على أن الوقت حان لتسليم السلاح والانخراط في العمل المدني للدولة..
دخول مقاتلي الحزب المعلن ومشاركتهم في مجازر تفتك بأهل السنة في سورية، يعني أن هذا الحزب تضخم، وأن الأوان لتحجيمه قد حان، فلو ترك لن يتوقف في سورية، وسيصبح ذراعاً طويلة لإيران في دول الخليج..
هذه لحظة فارقة يُقتل فيها السنة في سورية بوحشية طائفية وبتدخل من حزب تمدد خارج حدوده ليلعب دور شرطي المنطقة.. يفرض بالقوة رؤيته على دول أخرى، ويستغل الفوضى فيقتحم سجون مصر في ثورتها ويدمر مدن سورية.. وبعيداً عن كل الحسابات، إذا لم يحجم وتحطم قوته، فالقادم أسوأ بكثير.