المظاهر آفة تفتك بنا، ومصيبة تجعلنا نتطاحن فيما بيننا، ونتطاول لنرى من أكثر منا عُلواً..

وإذا كان الرجال يحبون المظاهر، فإن هذا الحب يتضاعف عند النساء مرات ومرات، حتى تدخل المرأة في صراع مع من حولها في هذا المضمار التي يُتلف المال، ويُتعب الحال.

خطرت مرة في بالي فكرة تقول: ماذا لو أصيب كل الناس ـ رجالاً ونساءً ـ بالعمى؟ تُرى هل ستستمر المظاهر؟

كانت هذه مجرد فكرة، ولكنني ـ وأنا أقلّب الكتب ـ وجدت مقولة تصبّ في نفس فكرتي، قالها الرئيس الأميركي فرانكلين، وهي أن "نظرات الآخرين هي التي تُهندمنا، ولو كان كل من حولي أعمى لما احتجت إلى ثياب أنيقة ولا إلى مسكن جميل، ولا إلى أثاث فاخر".

لكن رجلاً بخيلاً اكتشف مزايا أخرى للتقشُّف في التهرُّب من الدفع للآخرين، فحين سأله الخياط، قائلاً: "لماذا لا تدفع المبلغ الزهيد الذي عليك طالما أنك ورثت ثروة طائلة عن عمّك"؟ فأجاب البخيل قائلاً: "إنني أكره المظاهر، ولا أريد أن يُقال عني بأن الثروة قد غيّرت طباعي)"!

الزبدة: الغريب أكثر في الأمر أن كثيراً ممّن يدّعون بأنهم لا يحبون المظاهر تفضحهم نفس المظاهر، وهكذا هي الأكاذيب التي لا تحتاج إلى حبال طويلة ولا قصيرة!