"إذا رأيت شخصاً يتظاهر بالفضيلة. فتأكد أنه يفتقدها"، بهذا الوصف، لخّص باحثٌ سعودي في الشؤون الدولية، لجوء نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي حصدت آلته العسكرية حتى الآن، أرواح أكثر من 60 ألفاً حسب الإحصائيات المُعلنة، لما يوصف بـ "الدغدغة بالعاطفة الدينية"، لإعادة الأمن والاستقرار لسورية، التي تُعاني من تسلط الزمرة الحاكمة، على شعبٍ بدأ ثورته سلمياً، وانتهى به الأمر للصراع على الحياة.
وسلك النظام الأسدي أخيراً مسلكاً يراه بعض نوعا من "ذر الرماد في العيون"، للتغطية عما يدور على الأرض من تصاعدٍ في وتيرة القتل والتصفية "العرقية".
ويتضح جلياً سعي النظام الحاكم في دمشق توظيف الأديان في الأزمة "لأغراضٍ سياسية" مع بلوغها العام الثاني على التوالي، ويُعطي تنصيب البطريك يوحنا العاشر اليازجي، بطريكاً لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس أمس، دليلاً على سعي النظام لجلب التعاطف الشعبي المبني بالتأكيد على العاطفة الدينية، التي أخذ النظام مسلك الـ"دغدغة عبرها" لتعويض ما خسره من تعاطفٍ ومساندةٍ شعبية جراء تفاقم الأزمة وتعامل أجهزة النظام معها بوحشيه.
وللاستدلال على ذلك يُقتبس من حديث البطريرك الراعي القول "إن كل ما يقال ويطلب من أجل ما يسمى إصلاحات وحقوق إنسان وديموقراطيات لا تساوي دم إنسان واحد بريء يراق".
ويقول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في حفل التنصيب بالعاصمة دمشق "جئنا لنتضامن مع الشعب السوري المتألم، ولنقول لكل كنائسنا في العالم وسورية نحن نحمل معاً إنجيل السلام إنجيل الأخوة والمصالحة وإنجيل كرامة الإنسان وكبريائه".
واستبقت دمشق استغلال تنصيب البطريك يوحنا "دينياً" في السياسة المتبعة من قبله، بالدعوة لصلاة الحاجة الأسبوع الماضي، والمشاركة في مليونية الصلاة على الرسول الكريم ـ عليه الصلاة والسلام، التي توافقت مع ذكرى مولد المصطفى. ويظهر استغلال النظام الأسدي لتلك الشعائر والمناسبات الدينية، لعودة الأمن والأمان لربوع سورية، وهو الأمر الذي يجده الباحث والخبير السعودي في الشؤون الدولية الدكتور عبد الله الشمري نوعاً من "انتهازيةٍ رخيصة" لجأ لها الأسد لافتقاده ما يصفه الشمري بـ "الفضيلة".
واستند الدكتور الشمري في حديثه، على كون حزب البعث الحاكم بسورية مُنذُ عقود، يضع الدين في الأساس بخانة "الرجعية والتخلُّف"، ومن هذا الجانب يجد أن الأمر لن يكون أكبر من "انتهازيةٍ رخيصة" سيخسرها نظام الأسد لا محالة. وأسهب الرجل في حديثه لـ"الوطن" ومضى يقول "نظام البعث الحاكم بسورية لا يخفى على أحد إعلانه العداء للدين الإسلامي، ويتضح ذلك جلياً في رؤية النظام وتأسيسه، واعتباره الدين منطلقاً للرجعية والتخلُّف، هذه خطوة لجأ لها النظام لإضفاء الشرعية التي بدا مؤمناً أكثر أنه افتقدها مع تطور الأحداث في البلاد، وبلوغها مستوى لم يكُن على البال والخاطر، من الوحشية التي مارسها الأسد ضد شعبه".
وفي الأساس كما يرى الشمري، حزب البعث حزبٌ علماني، سبق له مراتٍ عديدة وانتقد الدول العربية والإسلامية المُلتزمة بتطبيق الشريعة الإسلامية وتتخذه منهجاً لها، إضافة إلى الرؤية السوداوية التي أُسس عليها هذا الحزب تجاه الدين الإسلامي.
واعتبر الشمري أن استخدام الدين لأغراضٍ سياسيةٍ أمرٌ معروفٌ ووارد في معظم دول العالم بصرف النظر عن الديانة، وهي علاقةٌ أزلية لا يُمكن إخفاؤها، لكن المُستغرب في لجوء النظام السوري لـ "الدغدغة بالعاطفة الدينية" في هذه الحالة، إنها تأتي في أعقاب أن تلطخت أيديه بدماء شعبه. وهذا أمرٌ يوحي ويؤكد أنه "مسلك" لن يُعيد الأمور في سورية إلى نصابها، وحتماً سيخسره نظام بشار الأسد.