ذهب مؤرخ فرنسي إلى أن جدة ربما تكون من أوائل المدن العالمية التي شهدت تحولا نحو العولمة وذلك بدءا من القرن السابع الهجري حين بدأ الإسلام ينتشر في شرق آسيا، معتبرا أن جدة انتهت إلى مدينة معولمة تختلط فيها الأجناس والأعراق.
واستعرض الأستاذ المشارك بجامعة السوربون الدكتور إريك فالي "600 عام من تاريخ مدينة جدة " مساء أول من أمس في صالة مسرح فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، وقال إنه تاريخ لا يمكن تقصيه بالمنهجية نفسها التي نتقصى به تاريخ المدن الأخرى كالقاهرة مثلا، وذلك من خلال الحقب السياسية التي مرت عليها، ذلك أن جدة ليست مثل سواها من المدن حيث كانت دائما موضع تجاذب دولي وإقليمي.
وقال فالي الذي امتدت محاضرته والمداخلات عليها لأكثر من ساعتين إن مؤشرات عديدة تشير إلى وجود المدينة قبل الإسلام، ولكنها ظهرت للوجود تاريخيا مع مطلع العهد الإسلامي حين اختارها الخليفة عثمان بن عفان ميناء لمكة المكرمة بدلا من ميناء الشعيبة وذكر أن جدة أسسها العجم من الفرس وسكنوها لفترات طويلة وكانوا هم من يدير شؤونها، حتى القرن العاشر الهجري حين اضطر التجار الفرس إلى مغادرتها بسبب ما قيل عن خلاف بينهم وشريف مكة.
وقسم المحاضر تاريخ جدة إلى ثلاث لحظات تاريخية كما عبر عنها، وهي فترة الوجود الفارسي وفترة تحولها مدينة للحجاج، والفترة الثالثة جدة كمدينة عصرية سعودية.
واستعرض المحاضر ملامح هذا التاريخ في كل فترة على حدة، مؤكدا أن جدة على عكس ما يقال تأسست كمدينة وبقيت مدينة طوال تاريخها على الرغم من الانحسار البشري عنها في بعض الفترات وانتهى المحاضر إلى القول إن جدة هي من أول المدن التي استجابت للعولمة، بعد انتشار الإسلام في وسط وشرق آسيا، من جهة الشرق و كونها بوابة لمكة المكرمة من جهة الغرب والشمال، ولذلك يمكن القول إن جدة في العشرة قرون الأخيرة أصبحت مدينة امتزجت فيها الأعراق والثقافات.