أكد وزير العمل المهندس عادل فقيه أن وزارته ستتخطى الصعاب ولن تلتفت للحملات التي تواجهها لعرقلة توظيف المرأة، وأنها لن تتراجع عن توظيف النساء في القطاع الخاص انطلاقا من الواجب الوطني.

وأضاف في حوار مع "الوطن" "أسسنا مجلسا توجيهيا يضم 30 سيدة لتفعيل 13 مبادرة جديدة لتطوير 3 أنواع من برامج عمل المرأة. وهدد فقيه المتاجرين بالتأشيرات بتطبيق أقصى العقوبات، كاشفا عن إسناد دراسة الدورة التعاقدية للعمالة الوافدة لشركة استشارات عالمية بهدف وقف ثغرات الاستقدام، والتربح من التأشيرات.

وحول ما واجهته الوزارة من ردة فعل بسبب قرار رفع رسوم تجديد إقامات العمالة الوافدة، شدد وزير العمل على أن القرار سيادي ولا يلحق الأذى بمنشآت القطاع الخاص، مستشهدا برفع تكلفة العمالة في بعض الدول العالمية إلى ما يعادل 10 أضعاف الرسوم التي يعمل بها في المملكة، لافتا إلى أن وزارة العمل ستطلق قريبا "بوابة إلكترونية" لمتابعة عملية التعاقد منذ إصدار التأشيرة، مرورا بالحصول على العقد وحتى متابعة الأجر المتفق عليه.




"لا تراجع عن توظيف المرأة، ونعمل على تصويب الأخطاء - إن وجدت - ويجب علينا أن نتكاتف للتيقن من سلامة تطبيق الأنظمة واللوائح، فالمملكة تصدر قراراتها وتنظيماتها وفق ما ترتضيه الشريعة، وأداء للأمانة التي حملنا إياها ولي الأمر، فلن يثنينا شيء عن أداء رسالتنا وواجبنا نحو أبناء وبنات وطننا".. بهذه العبارة رد وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه على سؤال لـ"الوطن" حول مدى تأثير اعتراضات البعض على خطط الوزارة الرامية لتوسيع توظيف المرأة في القطاع الخاص.

"الوطن" أجرت حوارا مطولا مع وزير العمل، كشف من خلاله عن بدء وزارة العمل تفعيل 13 مبادرة جديدة لتطوير 3 أنواع من برامج عمل المرأة في القطاع الخاص، من خلال مجلس توجيهي يضم 30 سيدة، وتحدث فيه عن كافة خطط الوزارة لمواجهة "البطالة"، وفرض توطين وظائف القطاع الخاص، والحد من استقدام العمالة، والخطوات الإجرائية المستقبلية لبرنامج "حافز"، فإلى نص الحوار:

رغم مرور فترة على خطط التوظيف التي طرحتها الوزارة إلا أن أغلبها لم ير النور حتى الآن، ما الجديد في توظيف العاطلين والعاطلات؟

لم تتوقف جهود الوزارة في ابتكار حلول جديدة ومؤثرة لتوظيف الباحثين عن عمل من أبناء وبنات الوطن، بل تبنت كثيرا من المبادرات والبرامج خلال السنتين الماضيتين وخرج العديد منها إلى النور، ونحن نتابع مراحل تنفيذ هذه المبادرات ونتائجها عن كثب للتدخل وسد الثغرات، وهناك مبادرات أخرى ما زالت في طور التجريب أو التطوير لتحقيق الأهداف المنشودة بإذن الله.

وأود التوضيح أنه تم التعاقد مع 3 شركات عالمية لإنشاء وتطوير مراكز طاقات للتوظيف، وتنفيذ هذه التجربة الرائدة بسواعد محلية وتحت إدارة صندوق تنمية الموارد البشرية. وبدأت تلك المراكز العمل بالفعل من خلال 20 مركزا، 11 منها للرجال، و9 للنساء، ومن المنتظر أن يصل عدد المراكز إلى 100 مركز بحلول العام القادم، لتقديم خدمات التوجيه والإرشاد للباحثين عن عمل، والمحالين من قاعدة بيانات "حافز"، وإجراء التدريب الأساسي وتقديم الاستشارات للعمل. وإضافة إلى قنوات "طاقات" بدأنا مرحلة التشغيل التجريبي لقناة "موقع طاقات للتوظيف الإلكتروني" لتقديم خدمات مجانية تتيح للمنشآت البحث عن طالبي عمل من خلال قاعدة بيانات برنامج "حافز"، كما تتيح للباحثين عن عمل من المسجلين في حافز البحث عن وظيفة في حال الإعلان عنها من قبل المنشآت. وقد تم إطلاق أول معرض توظيف إلكتروني لمدة أربعة أيام، واشترك فيه نحو 49,900 من الباحثين عن العمل من الجنسين، وبلغ عدد المنشآت المشاركة 21 منشآة.

واجهت الوزارة حملة ضارية ضد قرار رفع رسوم تجديد إقامات العمالة الوافدة، فما تعليقكم على ما حدث؟

أود التأكيد على أن هذا النوع من القرارات السيادية يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، ولا يمكن أن يهدف إلى إلحاق الأذى بمنشآت القطاع الخاص الذي نعتبره شريكا أساسيا في التنمية بشكل عام وفي تطوير سوق العمل بشكل خاص. ونحن في الوزارة نرحب بكل نقد بناء، ونرى في كل نصيحة تردنا هدية يمكن أن ترشدنا إلى مستويات أعلى من التطوير، ولكن العديد من دول العالم تسعى إلى رفع تكلفة العمالة الوافدة لديها حماية لعمالتها الوطنية، ووصلت رسوم تكلفة العمالة في بعض الدول إلى ما يعادل 10 أضعاف مبلغ الـ 200 ريال شهرياً الذي تم تحديده، رغم أن أي منشأة تصل فيها نسبة التوطين إلى 50% تعفى من تطبيق القرار. وأشدد على أن القرار اتخذ كخطوة أولى باتجاه معالجة تشوهات واختلالات سوق العمل التي تراكمت نتيجة عقود من الاستقدام العشوائي للعمالة غير الماهرة.

قضية المتاجرة بالتأشيرات تؤرق وزارة العمل، هل تتوقعون تحقيق نجاح في مواجهتها؟ وما هي أدواتكم؟

لا تهاون في معالجة قضية المتاجرة بالتأشيرات، وللوزارة موقف حازم في التعامل مع هذه النوعية من التجاوزات، حيث تحظر الوزارة جميع أشكال المتاجرة بالأشخاص، بما في ذلك بيع التأشيرات، أو الحصول على مقابل لتشغيل العامل، أو تحصيل مبالغ منه مقابل تأشيرة الدخول وتأشيرة الخروج والعودة أو رخصة الإقامة أو رخصة العمل، وتفرض عقوبات متدرجة على المخالفين تبدأ بالحرمان من الاستقدام لمدة 5 سنوات، وتصل إلى الحرمان النهائي في حال تكرار المخالفة أو الجمع بين مخالفتين أو أكثر.

ولمواجهة مشكلة تجارة التأشيرات بدأت الوزارة حاليا التعاون مع شركة استشارية عالمية لدراسة ميدانية عن الدورة التعاقدية للعمالة الوافدة في7 دول مصدرة للعمالة من مرحلة نشوء العقد إلى مرحلة تكليف مكتب استقدام محلي بالتعاقد مع مكتب استقدام خارجي، وكيفية التعاقد مع العامل الوافد، للحيلولة دون وجود أي ثغرات من شأنها أن تؤدي إلى وجود أي تجاوز مهما كانت طبيعته، أو شبهة تربح غير قانونية في عملية الاستقدام.

وتعمل الوزارة حاليا على إنشاء بوابة إلكترونية يستطيع من خلالها أطراف التعاقد والسفارت المعنية متابعة عملية التعاقد منذ إصدار التأشيرة، إلى الحصول على العقد، إلى متابعة الأجر المتفق عليه. ويضمن هذا النوع من الشفافية تصحيح أي خلل في هذه العملية بإذن الله. وأود أن أشير هنا إلى دعم خادم الحرمين الشريفين للوزارة عبر توظيف 1000 مفتش إضافي، وإلى التنسيق الجاري مع وزارة الداخلية لتشكيل الفرق المشتركة لهذا الغرض، وإلى إعادة تفعيل لجان السعودة، والتي ستؤدي مجتمعة إلى إحداث تأثير ملحوظ في هذا المجال قريباً إن شاء الله.

طالعنا مؤخراً انتقاداً لكم من قبل جهات حكومية، تتهم وزارتكم بالعمل بشكل منفرد في قرارات تخص الشأن العام، ما تعليقكم؟

-تؤمن الوزارة بأن نجاح مبادراتها وبرامجها لن يكتمل بجهود منفردة، بل من خلال التكامل والتنسيق مع العديد مع الوزارات والجهات المشتركة في صناعة القرار. ونحن حريصون على اللقاء والاستماع والتشاور مع كافة الشركاء بالقطاع العام والخاص على حد سواء. ولعل من أهم الدلائل على هذا الحرص تنظيم الوزارة لأول حوار اجتماعي يجمع بين أطراف الإنتاج الثلاثة لسوق العمل، والذي جمع الوزارة وممثلين عن القطاع الخاص وممثلين عن العمال لأول مرة في تاريخ الوزارة لمناقشة وجهات النظر الخاصة بأطراف سوق العمل حول تحديد ساعات العمل. ومن المتوقع أن تشهد المملكة تنظيم الحوار الثاني حول تحديد مستوى الأجور بالقطاع الخاص خلال النصف الأول من العام الجاري.

8 ملايين وافد يعملون في المملكة، كيف ستواجه الوزارة هذه القضية التي تثقل كاهل اقتصاد البلد وتحول ثرواته إلى الخارج؟

يشهد الاقتصاد السعودي حالة استثنائية من النمو، إلاّ أنّ ذلك لا يغير من حقيقة وجود اختلالات واضحة في هيكل سوق العمل نتج عنها وجود أعداد فائضة من العمالة الوافدة، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

على المدى القصير هناك خطوات تستطيع الوزارة اتخاذها، مثل برنامج حماية الأجور الذي تم الإعلان عنه مؤخرا بهدف ضمان حقوق العاملين وأصحاب العمل من جهة، وتقليل قضايا التستر التجاري من جهة أخرى، حيث لن يسمح للعاملين الوافدين بتحويل ما يزيد على الأجر المدون في عقود عملهم.

التدريب التقني يخرِّج سنوياً شبابا سعوديين مدربين وكثير منهم ينضمون لصفوف العاطلين، ما رأيكم؟

أسست وزارة العمل وشركاؤها في صندوق تنمية الموارد البشرية المرصد الوطني للقوى العاملة الذي تمت تغذيته بجميع بيانات خريجي الكليات التقنية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني للسنوات الخمس الماضية، ويمكن من خلاله تتبع جميع البيانات الوظيفية للخريجين. وجاءت مبادرة تأسيس المرصد استجابة لمتطلبات المرحلة الحالية وللمساهمة في تعزيز مصادر المعلومات الأساسية للتخطيط للقوى العاملة.

ومن خلال تتبع الخريجين خلال السنوات الخمس الماضية أشارت بيانات المرصد إلى أن خريجي الكليات التقنية في السنوات الخمس الماضية كان عددهم نحو 100 ألف خريج، بمن فيهم خريجو الفصل التدريبي الماضي، وحصل غالبيتهم على وظائف في القطاع الخاص والقطاع الحكومي، أو قاموا بتأسيس منشآتهم الخاصة، أو أنهم يكملون دراستهم الجامعية في برنامج خادم الحرمين الشريفين لإعداد المدربين التقنيين للابتعاث الخارجي، أو في كلية المدربين التقنيين. ومن خلال إحصاءات المرصد اتضح أن 73% من الخريجين ملتحقون بأعمال، ويبقى ما نسبته 27%، وهم موزعون كالتالي: 3% يكملون دراستهم الجامعية، و16% يبحثون عن عمل (حافز)، و8% لم يتمكن المرصد من الوصول لمعلومات عنهم حتى الآن.

هناك مطالب بعدم الاستعانة إلا بالعمالة المؤهلة للعمل، هل فكرت الوزارة في هذه القضية وسبل معالجتها؟

تخطط الوزارة لإطلاق برنامج الفحص المهني بعد الانتهاء من الدراسة الميدانية للدورة التعاقدية للعمالة الوافدة، ليشمل ذلك جميع العاملين بالقطاع الخاص الراغبين في الحصول على رخصة لمزاولة مهنة ما، ويكون الفحص بمثابة شهادة خبرة في هذه المهنة.

قرار سعودة الوظائف في القطاع الخاص يهدف إلى رفع النسب سنوياً، والتغير لم يلاحظ بشكل واضح حتى الآن، كيف تعملون لتحقيق ذلك؟

هذا التقييم غير دقيق، ونسب التوطين لبرنامج نطاقات المطلوب تحقيقها من منشآت القطاع الخاص تختلف تماماً عن نسب السعودة التي تم العمل بها في السابق. أما من حيث الإنجاز فقد نجح برنامج نطاقات في توظيف 514.659 شابا وشابة من أبناء الوطن منذ بدء تطبيقه في رجب 1432 وحتى الآن، كما تم اتخاذ قرارات متعددة داخل برنامج نطاقات لتعظيم نتائجه النوعية ولإيقاف أي محاولة للتحايل، وذلك باشتراط أن يكون مبلغ 3000 ريال هو الحد الأدنى لاحتساب السعودي بعامل واحد في معادلة التوطين بدءاً من ربيع الأول هذ العام، وكذلك احتساب الطلاب بنصف عامل (كدوام جزئي )، شريطة ألا يزيد عددهم عن 10% من عدد السعوديين في المنشأة.

ونحن نسير باتجاه المحافظة على هذا الإنجاز. ومصلحة الإحصاءات العامة أظهرت خلال المسح الإحصائي للقوى العاملة في عام 2012، أن عدد المتعطلين الذكور انخفض لأدنى مستوياته عند 6.1% منذ عدة أعوام.

انتهت فترة إعانة الباحثين عن العمل وما زال بعضهم يبحث عن الوظيفة، هل نجحت الوزارة في القيام بدورها بشأن توظيف الباحثين عن عمل؟

بالرغم من كون حافز في مراحله الأولى من التطوير إلا أنه حقق نجاحات بشهادة المنظمات الدولية، حيث يستغرق بناء منظومة حماية اجتماعية عدة سنوات. ولقد تم بحمد الله، ثم بالدعم السخي من حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين إطلاق البرنامج ليبدأ في مدة وجيزة لم تتعد سبعة أشهر، تم خلالها استقصاء تجارب 66 دولة لديها برامج مشابهة، وتعمل الوزارة على تطوير برنامج حافز ليأخذ أبعاده الكاملة المخطط لها ليكون بإذن الله أداة يحصل من خلالها إخواننا وأخواتنا وأبناؤنا وبناتنا على حقهم في العمل من خلال ما يوفره حافز من خدمات مساندة وبرامج تجسير.

ويهدف برنامج حافز إلى رسم أوضح صورة ممكنة لخارطة الباحثين عن عمل في المملكة، من خلال حصر أعدادهم وجمع بياناتهم والتأكد من مدى جديتهم في البحث عن عمل. ولعل من أهم مخرجات المرحلة الأولى للبرنامج معرفة عدد الباحثين عن عمل وتصنيفاتهم. وأظهر البرنامج البون الشاسع بين نسبة المستفيدات من الإناث مقارنة بالذكور، حيث مثلن ما نسبته 86% من إجمالي المستفيدين، وهي نسبة مرتفعة تحتم اتخاذ التدابير لمعالجتها لما تمثله من عامل هدر اقتصادي لإمكانات القوى العاملة الوطنية.

هل لديكم برامج مستقبلية لفتح مجالات جديدة تستهدف توظيف الفتيات الباحثات عن العمل، أم إن الوزارة اكتفت بما أقرته حالياً، وما تلك البرامج؟

وزارة العمل والمؤسسات المعنية مُلتزمة بالأمر الملكي بشأن الموافقة على الخطة التفصيلية والجدول الزمني للحلول العاجلة قصيرة المدى والحلول المستقبلية لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات، وقرار مجلس الوزارء بشأن فتح فرص ومجالات مناسبة للمرأة، وقرار تحديد جهات الاختصاص وبعض الاشتراطات الخاصة بعمل المرأة، لذا فإن الوزارة مُستمرة في توسيع الفرص المناسبة لعمل المرأة وفق الضوابط الشرعية التي تُمكنها من تطوير أدائها وتحافظ على التوازن بين دورها الوظيفي التنموي ودورها الأسري التربوي.

وقد أظهرت معدلات البطالة الأخيرة الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة أن معدل البطالة بين النساء وصل إلى 35%. وبينت قاعدة بيانات حافز أن النساء يمثلن ما نسبته 86% من إجمالي المستفيدين من البرنامج، وأن قرابة 40% منهن حاصلات على شهادات جامعية، وهذه حقيقة تعد من ضمن التحديات التي تواجه عمل المرأة، والتي منها على سبيل المثال توفير البيئة التي تتناسب وخصوصية المرأة في منشآت القطاع الخاص، ومواءمة تخصصات الباحثات عن عمل لاحتياجات سوق العمل، لذلك تعكف وزارة العمل حاليا من خلال مجلس توجيهي يضم 30 سيدة على تفعيل 13 مبادرة لتطوير ثلاثة أنواع من برامج عمل المرأة في القطاع الخاص؛ أولها برامج للتوظيف المباشر في قطاع التجزئة تنفيذا للأمر الملكي القاضي بـ "قصر العمل في محلات المستلزمات النسائية على المرأة السعودية"، وسعودة وتأنيث الوظائف الصناعية المناسبة للمرأة، وثانيها برامج لتطوير آليات التوظيف كالعمل عن بعد والعمل الجزئي والعمل من المنزل، وثالثها برامج لمعالجة تحديات توظيف المرأة والخدمات المساندة كإصدار دليل لعمل المرأة في القطاع الخاص، وبرامج مساندة لمعالجة تحديات عمل المرأة من حيث المواصلات ومراكز ضيافات الأطفال.