مجددا، تشددت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منع جمع التبرعات لتفطير الصائمين أو إقامة مشاريع تفطير الصائمين خلال شهر رمضان عبر توجيه تنبيهات لمسؤولي المساجد، واستثنت حدوث هذا الأمر باستصدار ترخيص منها. هذه الخطوة في واقع الأمر بحاجة إلى إعادة نظر، خاصة أنها قوبلت بتذمر واسع من قبل الخيّرين الراغبين في مد يد العون في هذا الشهر الكريم.

وحقيقة نقول إن فقراءنا في أمس الحاجة للمساعدة، وتتضاعف حاجتهم للمعونات وبخاصة الأسر المتعففة في هذا الشهر الكريم. صحيح أن هناك خطورة في فتح الباب على مصراعيه خوفا من استغلال هذه التبرعات من قبل أصحاب الأهواء الإرهابية والتوجهات السياسية في إنشاء قواعد تخريبية، لكننا نؤمن في المقابل أن المنع الكامل لم يراع فيه أحوال المواطنين وحاجتهم الماسة للمساعدة والعون.

والعتب نرفعه إلى معالي وزير الشؤون الإسلامية مشفوعا بطلب لإيجاد بديل عصري يواكب الرغبة في الخير وضبط المسائل أمنيا في آن واحد.

إن هذا الشهر يتميز عن غيره من الأشهر بكرمه الفياض لفيض الأغنياء الساعين للأجر والحسنات، وطبيعة النفس التي تنحاز فيه إلى البذل والعطاء.

لذا نثق بحكمة الوزير في إيجاد بدائل توائم روح العصر التقني بفسح المجال أمام التبرعات عن طريق الاستقطاعات الشهرية في البنوك، أو زيادة عدد الحسابات الخيرية وربطها بالصرافات الآلية الخاضعة للرقابة الأمنية.

ولنا في وزارة الشؤون الاجتماعية أسوة حسنة في مشروعها الخيري المتقدم، حيث استحدثت ربط مشروع الخير الشامل التابع لوزارتها، الذي تنفذه المجموعة الوطنية للتقنية NTG، وربطت أكثر من 1000 جهة خيرية وتنموية اجتماعية ضمن موقع المشروع الإلكتروني الخاص بنظام التبرعات الجديد الذي يعدّ الأول من نوعه في الشرق الأوسط www.gg.org.sa. وتمّت عملية الربط بعد ضمّ 327 لجنة تنمية أهلية اجتماعية بجميع مناطق المملكة إلى بوابة المشروع، وذلك لتسهيل عملية التبرعات عن طريق الموقع الخاص بالمشروع، إضافة إلى متابعة المشروع أمنيا عن طريق موقع مشروع الخير الشامل الإلكتروني، الذي أتاح الاستفادة من نظام التبرعات عن طريق الهاتف المصرفي ورسائل الجوال ونظام سداد للمدفوعات والبطاقات الائتمانية إلى جانب التبرع عن طريق الإنترنت.

ختاما تجدر الإشارة إلى أن بعضا من الدول الخليجية اعتمدت المنع الكامل لتلك التبرعات، لكنها تراجعت عن خطوتها وفتحت المجال أمام الخيّرين بعد أن تم التوصل إلى حلول تمويلية خيرية لا تتعارض مع أنظمة الدولة ولا تحجر على المسلمين.

ولهذا نريد حلا إداريا منظما لا تضييقا على المسلمين بقرارات المنع في شهر العبادة والطاعة والعطاء.