تختزل منظر الهيكل الخارجي لسيارة (ساهر) ردة فعل هذا المجتمع تجاه تطبيق النظام والقانون. وحين وقفت ظهر الأمس مع بضعة نفر في فزعة لفك الاشتباك بين بضعة شباب وبين سائق (النظام). نحن، ثقافة ومجتمعا من قاد إلى هذا (التشكيل الجمعي) الذي صور لدى مئات آلاف الشباب أن سيارة (ساهر) نشاز خارج عن القانون. هو عضو مجلس الشورى الذي قال كلمته الشهيرة بأن (ساهر) جباية مقننة بكل ما للكلمة الشاردة من تأثير على السلوك الجمعي لملايين المتلقين. هو الكاتب الذي شتم على رؤوس الأشهاد هذا النظام رغم أنه ذات الكاتب الذي قال في مقال سابق إن (حرب شوارع) فوضى المرور تقتل في العام الواحد أربعة آلاف مواطن. هو الأب، ورب العائلة، الذي يلعن "ساهر" أمام أطفاله كلما برقت في وجهه فلاشاته الصارخة دون أن يعلم خطورة ما يفعله على حياة عشرة أطفال في السيارة العائلية.
الخلاصة، أننا جميعا من يرسخ في مجتمعنا ثقافة كراهية القانون. والفكرة التي أريد أن أكتبها ليست مجرد (سيارة ساهر) بل الجوانب الخفية في حب هذا المجتمع للفوضى وكراهيته للقانون. في (ساهر) تستطيع أن ترى بالعين المجردة مكان الرصاصة وأيضا موقع الحجر الثقيل وضربة الفأس و(تهشيم) العصا الغليظة على الزجاجة. لكنك لا تستطيع رؤية الدليل على انتهاك النظام والقانون في المظاهر الخفية التالية: في الطالب المؤهل بامتياز لدخول كلية الطب ثم ترفضه لأن حرف (الواو) قد تعهد بملف بديل من تحت الطاولة. في ورقة التوقيع على استلام المشروع الرديء حين تخلو الأوراق من حجر أو رصاصة. في الجهاز الطبي الذي تكتبه أوراق العقود بأرقى المواصفات والمعايير ثم يبصم موظف صغير على الاستلام رغم أن الجهاز مجرد هيكل عظمي. في العاملة المنزلية المحتجزة بين جدران المنزل لعامين بلا رواتب ثم يرميها الكفيل في أحد شوارع مكة المكرمة ويذهب لتكفير الخطيئة للاستغفار بعمرة. في وفي وفي وفي وماذا يمكنني أن أكتب!!! قصة سيارة ساهر أنها مكشوفة على ناحية الشارع بكل التجاوزات الواضحة ضد القانون. وإلا فما خفي كان أدهى وأعظم.