سألته: أراك انطلقت سريعا للصعود للطائرة.. هل تتوقع مثلاً أن تقلع الطائرة ويتركونك في الباص على أرض المطار؟!
قال: الأمر ليس كذلك.. أنا أدرك أن الطائرة لن "تطير" في وقتها حتى لو أخذت "غفوة" في الباص.. لكن المشكلة أنني أخشى أن "يطير" الكرسي!
صاحبنا كان يسلط الضوء دون أن يقصد على ظاهرة لا تجدها إلا في بلادنا - وهذه هي الحقيقة، وليست من باب جلد الذات - استخدمت كثيراً خطوط الطيران.. لا أذكر مرة واحدة أنني دخلت الطائرة ووجدت أحداً يجلس في مكاني.. بل ولا أذكر أن أحداً طلب مني أن أترك مكاني له بحجة أن معه عائلة، ويريد لم شتات أسرته على حساب راحة الآخرين!
يقول لي أحد الأصدقاء: في إحدى الرحلات جلست في مكاني المخصص.. نزعت شماغي عن رأسي.. وضعت أغراضي الخاصة في جيب المقعد.. فتحت الصحيفة وبدأت أتصفحها.. كان المقعد بجانبي فارغاً.. لفت انتباهي امرأة واقفة جوار المقعد.. بعد دقائق جاء المضيف وقال: "ممكن تقوم من المقعد وتجلس هناك".. قلت: " ليش"؟ - قال: هذه السيدة لا تريد أن تجلس جوار رجل غريب.. قلت: "وأنا ما لي.. هذه مشكلتها هي.. أنا اخترت هذا المقعد بالذات ودفعت ثمنه" - طالت الحكاية، وتم حسمها بـ" طلبناك، تكفى قم علشان ما نتأخر"!
- على أي حال قد يكون هذا الموضوع غير ذي قيمة لدى إنسان لا يسافر بالطائرة كثيراً.. لكنه يشكل قلقاً للذين يسافرون باستمرار.. من هنا أظن أنه يجوز لنا أن نعد احترام أرقام الجلوس في الطائرة من آداب السفر.. أمر مزعج أن تحجز مقعداً محددا، وحينما تدخل الطائرة، تجد أحدهم متربعاً في مكانك.. وحينما تطلب منه القيام يرد عليك بكل تخلف وجهل "اجلس يا رجال كل الكراسي زي بعض"!
- كن إيجابياً: إذا دخلت الطائرة ووجدت أحد الأشخاص يجلس مكانك فاعرف أنك أمام إنسان غير مهذب.. ولذلك يجب عليك أن تجبره على القيام.. على الأقل أنت تقدم له درساً مجانياً في وجوب احترام الآخرين.