أريد حياة جديدة، وأبعدوني عن والدي، وغيروا اسمي لـ"صالح"، أريد أن ‏أنسى العذاب الذي وقع عليّ من أبي.. هكذا تحدث الطفل المعذب "راكان" أمام الحضور داخل غرفته في المستشفى، وناشد بنشر كلماته في جريدة "الوطن".

وأكد راكان أنه لم يجد ‏الحب والرعاية في حياته، إلا مع فريق الحماية ومديره صالح ‏سرحان، الذي قال: سموني باسمه، هو أبي، ولن أعود لمنزلنا مرة أخرى. ‏

واستعرض راكان لـ"الوطن" بعض أنواع التعذيب التي كان يمارسها والده ضده، وقال: كان ‏أبي يرفعني لأعلى ويسقطني على الأرض، حتى أصاب بالإغماء، كما كان يطفئ السجائر في رجلي وظهري، مضيفا أنه نقل لدار ‏الحماية برفقة والديه بعدما اكتشف الجد الحالة، وأبلغ الشرطة، ولم يسمع أي ‏كلمة منهما طوال الطريق، وظل بالدار إلى أن نقل للعلاج في المستشفى، رافضا أي حديث عن عودته مرة أخرى لمنزله. ‏

ووسط ألعابه التي ملأت الغرفة ومراجعين وأعضاء جهات قانونية وحقوقية وأمنية جاؤوا لمتابعة حالته، رصدت "الوطن" زيارة عدد من الأطباء والاختصاصيين النفسين ‏والحقوقيين للطفل أمس، وأكد المشرف على حالة الطفل المعنف رئيس قسم التجميل بمستشفى الملك فهد العام الاستشاري الدكتور حسين ‏العامري، على وضع حراسة أمنية من المستشفى على غرفة الطفل، ومنع دخول ‏أي من وسائل الإعلام عليه، مع منع الأقارب من زيارته، لافتا إلى أن الطفل يعاني من ‏حروق عميقة ومتعددة بالجسد، ويحتاج إلى العلاج الجسدي والنفسي، ‏وسيخضع لعدة عمليات جراحية متفاوتة، لترقيع الحروق المتقرحة في ‏منطقة الصدر والكتف. وأفاد أن الطفل يعاني من عدة حروق حديثة ‏ومتقرحة من الدرجة الثالثة، ومنها حروق نارية بآلات حادة بالسكين ‏والمفكات وسجائر، وحرق نتيجة سقوط ماء مغلي على جسده، إضافة ‏لجروح مقطعية مختلفة بأماكن متفرقة من الجسم، موضحا أن حالة الطفل تحتاج ‏للعلاج النفسي والجسدي دون تحديد مدة خروجه من المستشفى.

وقال المشرف العام لفرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة الدكتور حسين بن ناصر الشريف لـ"الوطن"، إنه كلف فريقا من الاختصاصيتين ليلي ‏حلواني، وهالة المهدلي، بزيارة الطفل والاطلاع على ما تعرض له الطفل، ‏والوقوف على وضع الطفل، ومن ثم كتابة تقرير بالحالة، سيرفع سريعا ‏إلى الجهات المختصة، وسوف يُقدم الدعم القانوني للطفل ونقوم ‏بزيارة عائلته؛ لمعرفة الأسباب التي دفعت الوالدين لتعذيب طفلهما، ‏وستتواصل حقوق الإنسان مع الجهات المتابعة للقضية بهيئة التحقيق ‏والادعاء العام والشؤون الاجتماعية؛ للتأكد من القبض على الأب ‏المتسبب في معاناة "راكان" وتوقيفه ومعاقبته قانونيا. ‏

من ناحيته كلف مدير دار الحماية صالح سرحان، لجنة من الحماية بالقسم ‏النسائي لمرافقة الطفل المعنف، مؤكدا أن الطفل له الحق في اختيار من ‏يريد العيش معه، وسوف تجري الشؤون الاجتماعية دراسة حول ملابسات ‏الواقعة، ومنها ستقرر مع من يعيش الطفل بعد تعافيه، وأضاف أن نفسية ‏الطفل بدأت تتحسن رغم معانته من بعض الجروح، وبدأ يتجاوب مع من حوله ‏ويتحدث مع الحضور، بعدما دخل الحماية وهو يسيطر عليه الخوف والرعب. ‏وأشار إلى أن لجنة خاصة ستتابع النظر في استخراج هوية الطفل، وحين ‏يتعافى سيلتحق بالدراسة والعيش مع من يختاره، ولن يسلم إلا ليد أمينة ‏بعد نظر القضاء في أمره. ومن جهته طالب المستشار القانوني لهيئة حقوق الإنسان وأستاذ القانون ‏بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي، بسرعة صدور نظام حماية ‏الطفولة، ونظام الحماية من الإيذاء اللذين خرجا من الشورى، وعن واقعة تعذيب "راكان" قال الخولي: إن مجتمعنا ‏يخفى عادات وتقاليد عجيبة منها التنكيل بالطفل وتأديبه وجعله من ‏الممتلكات الخاصة، وهناك من يعامل أبناءه كعبيد. وشدد الخولي ‏على ضرورة معاقبة المعنفين.