الربيع العربي أتى بـ"ديموقراطية عرجاء" ميدانها الشارع وساحاتها وسائل إعلامية غير محايدة.. وأدواتها نخبٌ سياسية لا تتحلى بأي ديموقراطية.

الربيع العربي كان يمكن أن يكون "جميلاً" لو وقفنا عند حدود ما جئنا به من ديموقراطية.. ورضينا بما جاءت به صناديق الاقتراع.. وعملنا إزالة ما لا نريد عبر "الصناديق" القادمة.. لا عبر "الشوارع" وحرق الإطارات وتأليب الناس.

الربيع العربي انحرف عن مساره وتداخل مع "الخريف العربي".. وأصبحنا لا نفرق بينهما إلا حسب رغباتنا وأهوائنا..!

قبل 32 عاماً كتب مؤلف مسرحية "مدرسة المشاغبين" الكاتب علي سالم قصة أعاد نشرها هذه الأيام، يسرد فيها نزول "الحق" و"الزور" على الديموقراطية لحل خلاف بينهما اعتماداً على صوت الناس وقدرتهم على تحديد مجريات المستقبل.

تقول القصة: إن الحق والزور، كانا يمشيان معا، ولطول الرحلة شعرا بالإجهاد، غير أن الحق قوي لا تبدو عليه علامات التعب والإعياء، خلافاً لـ "الزور" فهو ضعيف؛ لذلك توقف وقال: يا صديقي الحق.. أكاد أموت من فرط التعب.. ألا تحملني.. هل تسمح أن أركب عليك؟

فرفض الحق وقال: الزور يركب الحق؟! الأقرب إلى العقل أن أركب أنا..

اختلف الحق والزور، واحتدا على بعضهما بعضا، وفجأة قال الزور: اسمع يا صاحبي.. الديموقراطية هي الحل.. دعنا ننزل عند إرادة الناس.. ليحكموا بيننا بمن يحمل الثاني.

وافق "الحق" ليقينه بأن الناس بطبيعتها تقف مع الحق ضد الزور، وبدأت حملات الدعاية الانتخابية بكل "نزاهة"، فصاح الحق: يا ناس.. أنا الحق ومنافسي الزور.. ونحن نشعر بالتعب.. لا بد أن يحمل أحدنا الآخر.. ولا بد أن يركب أحدنا الآخر.. فمن يركب.. أنا أم هو؟

فصاح الناس صيحة قوية اهتزت لها الجبال: الحق هو الذي يركب الزور.

ومنذ ذلك اليوم الحق راكب، والزور هو الذي "ماشي".

(بين قوسين):

الديموقراطية.. غاية كل الشعوب لكن حين توضع في كل موضع وحين نأخذ بعضها ونترك بعضها حسب رغباتنا، فإنها تفارق أهميتها وتغدو وسيلة ذوي العصبة وذوي المال للوصول إلى غاياتهم ومصالحهم على ظهور الشعوب.