تحتشد الأعمال الخليجية بفواصل الصراخ والاستعراضات الفارغة والتكلف السخيف والشجارات التي لاتنتهي، ما يكشف في حقيقته عن جيل مأزوم متوتر، حائر في وجوده وأهدافه، مرتبك في تربيته، شكلي ومظهري، فارغ تتنازعه الصيغ الاستهلاكية، معزول بشكل واضح، ميال للوحدة الشعورية، هذا وإن بدا أحيانا مبالغا به ـ لدى البعض ـ إلا أنه يكشف جزءا من حقيقتنا التي لا نريد رؤيتها؛ فمسلسلاتنا تشبهنا، رتيبة مملة وفوضوية، تبدأ بالنزاعات وتنتهي بالبكائيات. يندر أن تجد ما يبهج، فكلها حقول من الكوارث ومجالات حيوية للكآبة، العيون حادة ومشدودة، الشفاه عصبية ومرتجفة، الحركة مستعجلة ونزقة. نحتاج عيادة نفسية أممية لتشخيص وضعنا وتحالفا كونيا لعلاجنا. نغضب حين يواجهنا الآخرون بواقعنا المحطم ومستقبلنا القلق، نندفع نحو ما لا نعرف بسرعة الضوء مضطربين أمام استحقاقات التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي.

نحن عاجزون عن اجتراح الحلول، مبدعون في خلق الأزمات، لكن الدراما تفعل حين تضعنا أمام المرآة، والأخيرة لا تكذب أو تجامل، لكن ما الحل؟ وما الخطة التي تنقذنا من مصيرنا المنتظر؟

بصراحة، لا أعرف، لكنني أدرك أننا لم نكن كذلك، ملامحنا كمجتمع قبل ثلاثين عاما كانت أكثر تفاؤلا، وضحكاتنا أعمق وابتساماتنا أعرض، والذين جاوزوا الخمسين من العمر ما يزالون أكثر بساطة وتصالحا ممن هم دون الثلاثين، فهم واضحون في مواقفهم، متمسكون بقناعاتهم وأصلب في صراعهم مع الحياة، مخزونهم النفسي يعطيهم ميزة وطاقة، فما الذي تغير، وبموجبه حصدنا كل هذه الارتدادات الهائلة؟ ربما تطورنا في التفاصيل الخارجية، لكننا مهزومون في أعماقنا، نترك كل شيء للظروف، فيما الظروف تزيد المسائل تعقيدا.

مسلسلاتنا نحن ونحن مسلسلاتنا، ومن خلالها نحن مملوؤون بالفراغ والوهم والأولويات المعكوسة، ومشحونون بالتفاهة.