في أوائل السبعينات ارتبط اسم هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير خارجية أميركا بالشرق الأوسط، كان كيسنجر ضخما أو يضخم كلاعب وحيد على طاولة لعبة الأمم، وكان يبهر العالم أن الثعلب الأميركي يدير اللعبة في عز قوة الاتحاد السوفيتي.. أربعين سنة مرت من 1973 إلى 2013.. انهار خلالها الاتحاد السوفيتي واحتقر الجميع وريثته روسيا ووضعها المزري.. لكنها عادت وبقوة اقتصاديا وعسكريا، وتمت الإشارة إلى ذلك في مقالي (طرطوس 2012 نهاية العالم الأميركي المنشور في 17 أبريل 2012) ليس قدرة خارقة أو عبقرية أن يدرك أي قارئ أو باحث أن روسيا عادت وبقوة من المؤشرات الكبيرة 2008 بعد أن أدبت عسكريا ساشفيلي لمهاجمته أوسيتيا الجنوبية وهو المعروف بعلاقته القوية جدا بأميركا وبعد أن أعلن ميدفيديف في دمشق أن عالما متعدد الأقطاب قادم.. وبينما انكفأ أوباما بسياسة ناعمة ظهرت مخالب الدب واضحة في سورية فساند الطغيان، ولكنه أرسل أيضاً إشارة واضحة أنني أساند حليفي حتى النهاية ولست مع من غلب.. ولست من يقول لحليفه ارحل الآن تعني الأمس وليس اليوم.. ولأن العالم يتابع القوي ويتلقف أخباره فإن ما يقوله لافروف وزير خارجية روسيا هو المصدق وما تعلنه روسيا أصبح أساساً لأي تحرك في حل مسألة سورية.. عودة الروس كانت بتأييدهم نظاما دمويا بغيضا ولكنهم عادوا وبقوة ليس بقيادة بوتين ولسان لافروف ولكن أيضاً بعقل العجوز بريماكوف الذي استقطبه بوتين رئيسا لمركز تحليل الأوضاع .. لافروف اليوم هو كسنجر السبعينات.. وإن انتصروا في سورية فلن يقفوا فهم جوعى للسيطرة والنفوذ وعائدون للانتقام من نفوذ أميركي همشهم 20 عاما.. وهزيمتهم الساحقة في أفغانستان.. ربما تعود أفغانستان في بقعة أخرى هذه المرة .. وما زال الشرق الأوسط مسرحا للعبة الأمم ..