عندما انتُخب محمد مرسي رئيسا لمصر منذ عام تقريبا، لم يتوقع أبدا أنه سرعان ما سيواجه الربيع العربي الخاص به بعد 12 شهرا فقط من وصوله إلى الرئاسة. لكن هذا ربما سيحدث في 30 يونيو.

حركة معارضة واسعة شعرت بالإحباط؛ بسبب فشل حكومة مرسي في معالجة نفس الانهيار الاقتصادي الذي قاد إلى سقوط حسني مبارك، ودعت إلى مظاهرات حاشدة في نهاية الشهر للمطالبة بتنحي الرئيس مرسي. مسؤولو الأمن في مصر يستعدون لمواجهات بين المحتجين الغاضبين والإخوان المسلمين. مثل هذه المواجهات الدموية الشبيهة بتلك التي حدثت على نطاق ضيق أمام القصر الرئاسي سابقا، قد تؤدي إلى تدخل عسكري.

ما مدى سوء الأزمة؟ نقص المواد الغذائية، واحتياطي العملة الصعبة، هما الفتيلان اللذان يشتعلان ببطء ليصلا إلى برميل البارود الذي يمكن أن يسبب الانفجار. إليكم بعض الأمثلة.

خدمة الأخبار الأميركية المعروفة بلومبورج تحدثت عن "مضخة ماء، متوقفة بسبب عدم توفر المحروقات، ناتئة من حقل عبدالغني في ضواحي الجيزة، غرب القاهرة. عبدالغني يتوقع محصولا أقل من أرضه التي تبلغ مساحتها 4 أفدنة وسط نقص في السماد والديزل لتشغيل أجهزة الري، ويقول إن تكاليف الإنتاج تضاعفت خلال عامين".

منطقة يسكنها بعض الأثرياء ليست بعيدة عن الإسكندرية تعاني يوميا من 7 ساعات انقطاع للكهرباء. في المناطق الريفية الفقيرة، وفي الأحياء الفقيرة التي في المدن، الأمر أسوأ بكثير، إذ إن هناك نقصا حتى في زيت الطهي والخبز.

في شهر مارس، قالت وكالة رويترز للأنباء، إن الحكومة ستبدأ خطة لترشيد الخبز في مدينة بورسعيد، التي كانت قد شهدت احتجاجات عنيفة ضد حكومة مرسي. ولكن بعد مظاهرات واحتجاجات من أصحاب المخابز، لم يتم تطبيق الترشيد "حاليا".

المهنيون ورجال الأعمال المصريون، الذين لديهم حسابات بنكية بالدولار يتضايقون بشكل روتيني؛ لأن البنك يقول لهم، إن هناك "حدودا" لما يستطيعون أن يسحبوه بالدولار، وأحيانا يدعوهم البنك لأخذ سحوباتهم بالجنيه المصري. أحد رجال الأعمال المصريين قال لي: إنه عندما واجه البنك بسبب التأخر في تسليمه المبلغ الذي يريده، اكتشف أنه ليس هناك حدود قانونية للمبلغ الذي يمكن سحبه بالدولار، عموما هناك تخوف من نقص العملة الصعبة.

ومما أضاف الإحساس بالأزمة، أن المحكمة الدستورية في مصر أصدرت حكما في الأسبوع الماضي، بأن انتخابات مجلس الشورى لم تكن دستورية، وأن الدستور الجديد نفسه غير قانوني. لكن قرار المحكمة لم يطالب بإجراء انتخابات جديدة، مما أضاف إلى حالة الإرباك.

الأزمة في ثورة مصر ليست محلية تماما. لكن حكومة الإخوان المسلمين تعثرت بشكل سيئ في معالجة تزايد الفقر، ونقص احتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي، وارتفاع نسبة التضخم. وليس هناك ما يدل على أن حكومة مرسي لديها فكرة حول كيفية تنشيط الاقتصاد المصري. الدائرة الصغيرة من مستشاري الإخوان المسلمين للرئيس، فشلوا في التواصل مع الاقتصاديين والعلماء والمهندسين المصريين الذين يمتلكون خبرة عميقة. حتى الآن، كل واحد لديه أي علاقة مع النظام القديم يتم استبعاده عن أي مقعد على طاولة صنع السياسة.

لكن مصدرا أكبر من المشكلة ينبع من أصدقاء حكومة مرسي السابقين في واشنطن، الذين ليست لديهم أي فكرة عن احتياجات مصر الضرورية. مع أن وزير الخارجية جون كيري لا يستحق كل اللوم، إلا أنه يشكل رمزا للمشكلة.

بعد تعيينه وزيرا للخارجية مباشرة، سافر كيري إلى القاهرة، والتقى مع مرسي وكبار مساعديه. كانت رسالته واضحة: مصر يجب أن توقع على اتفاقية مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت ممكن. ما لم يحسب كيري حسابه ـ وما كان مرسي وكبار مستشاريه يفهمونه جيدا ـ هو أن شروط صندوق النقد الدولي، إذا تم قبولها، ستسبب انتفاضة شعبية كبيرة تطيح بحكومة مرسي بشكل مؤكد. كان فريق صندوق النقد الدولي قد زار مصر، ووضع شروطه على الطاولة: يجب أن تنهي مصر دعم المواد الغذائية والمحروقات خلال ثلاث سنوات، وتخصخص أملاك الدولة وتخفض قيمة العملة المصرية.

وبدلا من العمل مع الحكومة المصرية للوصول إلى ترتيب مع صندوق النقد الدولي، أحضر كيري معه تيم كولينز، أحد كبار رجال الأعمال الذين يتبرعون للحزب الديموقراطي الذي حققت شركته "ريبلوود هولدينج" مليارات الدولارات من خلال اتفاقيات دمج واستحواذ حول العالم.

ليس من المبالغة القول: إن كيري أعطى الرئيس مرسي حبة سم. عندما وعدت قطر بمنح مصر 5 مليارات دولار كقرض، مما أعطى مرسي مجالا لتأجيل صندوق النقد الدولي، يقال إن كيري رد بغضب على التدخل غير المرحب به.

خلال الزيارة نفسها، وجه كيري رسالة واضحة للجيش المصري: ابقوا في الثكنات، وبعيدا عن السياسة، ولا تفكروا حتى في التحرك ضد حكومة مرسي المنتخبة ديموقراطيا. كان الجيش في ذلك الوقت يفقد صبره بسبب بناء قواعد إرهابية في صحراء سيناء، وبروز منظمة شبه عسكرية موازية تابعة للإخوان المسلمين على نموذج منظمة الباسيج الإيرانية.

إن ما تحتاجه مصر فعلا هو النمو الاقتصادي الفعلي. كان اتفاق تبادل الكهرباء الموقع بين السعودية ومصر في 1 يونيو خطوة صغيرة في ذلك الاتجاه. لكن المستقبل المضمون على المدى الطويل، هو من النوع الذي رفضه القادة المصريون على مدى 5 عقود: الطاقة النووية، توسيع الموارد الغنية لنهر النيل، وتطوير البنية التحتية.

مرسي حصل على 12 مليون صوت في الانتخابات، وبالكاد فاز على أحمد شفيق. بحسب ناشطين في المعارضة، هناك 9 ملايين شخص وقعوا على معروض يطالب بتنحي الرئيس مرسي الآن، ويأمل المنظمون أن يصلوا إلى 12 مليون قبل 30 يونيو.