من يحاربون عمل المرأة لديهم سمات مشتركة، يأتي على رأسها الترف والإفلاس الفكري والإنساني. لا يمكن أن يكتب فقير ومعوز أو متفهم ومتعاطف لتعقيدات بيئة عمل المرأة كلاما عن العمل أمام الله والناس أجمعين..داعيا للتحرش بمن تعمل في النور وبالضوابط التي زايد عليها..!
دعوة التحرش.. مقززة يبررها مرضى القلوب، والحمدلله أن من يتبناها نادر، وعلينا استنطاق فئات المجتمع حتى يتم الاجتثاث من الجذور لمثل هذه الأفكار المريضة..هل بيننا من يؤمن بالفكرة ويريد (ويود) شرعنتها وإشاعة الفاحشة بين الناس..!
من يده في الماء ومترف ولديه شاشة يحتسي مشروبه المفضل ويدلي، بدلوه من خلفها، لا يفهم لغة العوز والحاجة، ولن يفهمها يوما لأنه ليس أنثى ابتليت بالفقر، والكتابات عن الإباحية والتحرش بالمرأة والترويع والتهويل من عملها لم ينجح يوما..وتفاقمت معدلات البطالة، كما أنها تعلمت رغم حالة الرفض والجمود، من البعض في الماضي ونالت حظوظها في التعليم العالي والإبداع بمجالاته، وتاليا تعمل في وطنها وتساهم في إعالة أسرتها رغم كل ما حدث، ويحدث، وربما سيحدث، هذه تحديات التنمية ومخاضها..وقدر المرأة في بلادي أن يقيض لها الله من ينتصر لحقوقها ومن الطبيعي أن يجد من يحارب هذه الجهود ويرشقها بالحجارة.
لا شيء مقزز أكثر من الإدلاء بالدلو في أمر ملتهب لا يمس من يعتقد في ذاته الفهم والمعرفة إلى درجة تبرير الانحراف، والمساس بنساء شريفات عفيفات أجبرتهن الأحوال المادية وتدني مستويات تمكين المرأة للعمل في بيئة لائقة، كما أجبرت "البسّاطات" والبائعات المتجولات، ولاحقا أرامل ومعوزات ومطلقات أصبحن ضمن مشروعات "الأسر المنتجة" يقدمن منتوجاتهن لزوار المهرجانات وغيرها. كانت ومازالت جميع فئات المجتمع ترى تلك المرأة البائعة "البساطة" في أسواقنا تبيع في هجير الظهيرة وحتى الساعة11 مساء وتشتري منها بصمت ..
هل وجود المرأة في مكان مسقوف ومكيف هو ما يحدث الفرق والاختلاف من وجهة نظرهم، أم هو شباب المرأة الذي يغفر لها- أو يدينها وليس احتياجها المادي..؟!
نطالب وبشدة للمرأة ألا تمتهن في بيئة عمل غير لائقة بسبب الحاجة وهي في بلاد الخير المحتضن أكثر من 8 ملايين وافد ووافدة، ذلك لا يعني انتهاك من قسم لها الله عملا من نوع يجبرها على التعامل مع الرجال..في الوقت نفسه ندرك أن المتدين الحقيقي و"ما أكثرهم في بلادنا" لا يتوسلون الضوء الملوث، يقدمون الدعم للمرأة في صمت بعيدا عن تلويث مواقع التواصل بالطرح المفلس.