"نعيش في قلق ورعب دائمين، جراء انتشار العمالة (من مختلف الجنسيات) في كثير من الأحياء الشعبية بوسط مدينة المبرز، وذلك من خلال سكنهم في بيوت قديمة وبأعداد كبيرة تفوق التوقعات"، هذه العبارة، أجمع عليها مواطنو سكان حي "صاهود" في المنطقة الشعبية لوسط مدينة المبرز التابعة لمحافظة الأحساء، أثناء أحاديثهم أمس إلى "الوطن"، معربين عن قلقهم الشديد بشأن تلك الأوضاع التي تعيشها العمالة في أحيائهم والتكدس العددي داخل السكن الواحد، مشكلين خطراً على الأسر السعودية التي تسكن بعض تلك المنازل، مؤكدين أنهم بصدد رفع دعوى رسمية للجهات المختصة على ملاك المنازل التي تم تأجيرها للعمال لإخلائها منهم ليتم البت فيها نظامياً.

وأشار المواطن علي الشواكر إلى أن الوضع أخذ يستفحل في الآونة الأخيرة، فمع مرور الأيام أخذت أعداد العمالة تزداد بشكل كبير، حتى تحولت بعض المنازل إلى مقار سكنية لعمالة مؤسسات أهلية تعمل في قطاع البناء والمقاولات، والتي يزيد عدد عمالة المؤسسة الواحدة عن المائة عامل تقريباً، مؤكداً أن تلك الأوضاع المزرية –على حد قوله- دفعت كثيرا من الأسر السعودية إلى بيع منازلها بمبالغ مالية زهيدة جداً لرفض الكثير شراءها بسبب انتشار العمالة، والانتقال إلى أحياء أخرى بسبب المضايقات الكبيرة التي يتعرضون لها أو يشاهدونها باستمرار من هؤلاء العمالة، حتى أن بعض تلك الأحياء تتحول أيام الجمعة "العطلة الأسبوعية"، وفي ساعات الليل المتأخرة يومياً إلى مدن آسيوية تضج بإزعاجاتها المختلفة، وينتشرون بين الطرقات الضيقة متسببين في إحداث "حرج" شديد أثناء تنقلات النساء والأطفال داخل تلك الأحياء، بجانب خروج بعض العمالة إلى هذه الطرقات بملابس داخلية "فقط" لا تحترم التقاليد المحلية وتخدش الحياء العام، ولا يستبعد من بعضهم شرب الخمور والحبوب المخدرة والتلصص على العائلات والمشكلات الأخلاقية وغيرها، ودعا جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة بسرعة التدخل في ذلك، وإلزام "الكفلاء" بإخراج هؤلاء العمالة من هذه المنازل، وإلزام جميع المؤسسات بتوفير مشاريع سكنية في مناطق بعيدة عن سكن المواطنين. وأكد محمد البشر أنه للأسف بعض مالكي تلك المنازل "الشعبية"، آثروا المال بإزعاج الجيران، فبعد أن أخلوا منازلهم في أوقات سابقة، قاموا بتأجيرها على العمال بشكل فردي أو جماعي، بعد إجراء بعض التغييرات والتعديلات في غرف المنزل لتستوعب أكبر عدد ممكن من العمالة، إذ إن في الغرفة الواحدة التي تتجاوز مساحتها 30 متراً مربعاً يسكنها أكثر من 20 عاملاً بسعر سنوي يصل للعامل الواحد إلى 1000 ريال، وبعض المنازل الصغيرة التي لا تستوعب أكثر من 10 أشخاص، يسكنها أكثر من 40 عاملاً، بجانب سكن البعض في "أسطح" المنازل، مضيفاً بقوله: ولك أن تتخيل بجوار هذا المسكن الذي يضم الكم الهائل من النزلاء الآسيويين، تسكن أسرة سعودية "متواضعة" بجوارهم، لا سيما وأن بعضهم متسللين ومخالفين لأنظمة العمل والإقامة ولا يستبعد أن بينهم مطلوبين جنائياً، مشدداً على أن هذه العمالة تمثل خطراً كبيراً على الأسر السعودية التي لا زالت تسكن بجانبها.

وأعرب علي المعيان عن مخاوفه الشديدة من تفشي الأمراض والأوبئة داخل الحي بسبب تكدس العمال داخل الغرفة الواحدة، إذ إن جميع المنازل "المؤجرة" على العمالة مكتظة، وغير نظيفة على الإطلاق، وتنبعث منها روائح كريهة جداً تمتد لمسافات بعيدة داخل الحي، وهي تشكل خطراً على الصحة العامة، موجهاً عتبه الشديد على مالكي تلك المنازل وكذلك "الكفلاء" لموافقتهم على إسكان العمالة في هذه الأحياء وإيقاع الضرر على الجيران، والسبب في ذلك حصول "مالك" المنزل على مبلغ من المال، وأن الكفلاء فضلوا الاستئجار في تلك الأحياء لرخص الإيجارات بها، والسكان السعوديون هم الأكثر تضرراً، مؤكداً أنه لا يعرف حجم المعاناة الكبيرة التي يتجرعونها في كل ساعة وفي كل يوم إلا الذي يسكن بجوار العمالة، داعياً أصحاب المنازل والكفلاء أنفسهم بتجربة هذه المعاناة لمدة يوم واحد لمعرفة حجم المعاناة، وبعدها سيكون لهم رأي آخر في تأجير واستئجار هذه العمالة لهذه المنازل، مستشهداً بالمقولة الشعبية (النار ما تحرق إلا رجل واطيها).

وشدد حسين الشواكر على أن انتشار العمالة بكثافة داخل الأحياء الشعبية له آثار سلبية عديدة فإلى جانب المشكلات الأمنية تنخفض مستويات كثير من الخدمات، ومن أبرزها انخفاض المياه وتعطل الصرف الصحي وانقطاع التيار الكهربائي، وذلك بسبب الازدحام والضغط على هذه المرافق الرئيسية، مقترحاً على الجهات المعنية في الدولة إلزام الكفلاء بتوفير مجمعات سكنية للعمالة قبل الموافقة على منح تأشيرة الاستقدام، وأن تكون المجمعات السكنية بعيدة عن المواقع السكنية، كما هو متبع في توفير الضمان الصحي للعامل قبل إصدار الإقامة.

وبدورها، وضعت "الوطن" المشكلة على طاولة المجلس البلدي في الأحساء، وأشار نائب رئيس المجلس ناهض الجبر في تصريح أمس إلى "الوطن" إلى أن المجلس وضع مقترحاً لإنشاء مجمعات سكنية للعمالة بعيدة عن مواقع سكن "العائلات"، لاستيعاب أعداد كبيرة من العمالة "العزاب"، وتراعي هذه المجمعات معايير واشتراطات السكن العمالية، والبحث عن أماكن مناسبة لسكنهم، وتضم مختلف المرافق الخدمية للعمالة، داعياً المتضررين إلى توجيه تظلم إلى الجهات المختصة، مبيناً أن النظام يكفل فصل منزل العائلات السعودية عن "العزاب" المقيمين.