وحين حسبتها بالضبط، اكتشفت أن مجرد ثلاث جامعات قد دفعت في بحر هذا الأسبوع بالتحديد بسبع وعشرين ألف خريجة طازجة. ولهول مقاربات الرقم وأهواله فإن جامعتي وحدها قد اجتازت هذا العام حاجز الآلاف العشرة إلى منطقة محدودة الإمكانات وشحيحة في توفير الفرص الوظيفية. وبالطبع، لكم أن تعلموا أن الرقم السابق مجرد خراج ثلاث جامعات، ولكم أيضا أن تضربوه في العشرة حتى نصل إلى مقاربات خريجات كل الجامعات السعودية. وكل الذي أنا متأكد منه أن هذا الرقم الهائل سيضاف إلى آخر أرقام خراج العامين الأخيرين على الأقل من ساكنات البيوت على آمال الأوهام الكاذبة. عندها يصبح التعليم والشهادة الجامعية مجرد (مخدة) لأننا لا نستطيع مواجهة هذه الكارثة بحرب أفكار حقيقية لإيجاد المخارج والبدائل. نحن نركن أن (الأنثى) هي الصوت المقطوع في هذه الثقافة (البطركية) التي وصل بها الاحتساب وحناجر التخويف إلى الاحتشاد ضد تعيين 30 امرأة في المجلس الوطني الأعلى (الشورى) رغم أننا نتحدث عن نخبة اجتماعية من (أمهات الرجال) وعن وظيفة وطنية تحت القبة المكشوفة، فعلى ماذا يحتسب هؤلاء وعن أي خطورة يتحدثون وعن أي فساد أخلاقي يتوهم هؤلاء الإخوة. وعودة إلى الرقم الوطني الأخطر في الجملة الأولى من المقال. لماذا ندس رؤوسنا أمام هذه الكارثة في الرمال مثل النعامة؟ لماذا لا نلغي كل التعليم الجامعي للبنات إذا كانت نهاية الرحلة الطويلة عقابا نفسيا لكل هذه المئات من الآلاف، لإرضاء من شئتم من شرائح هذا المجتمع؟ لماذا لا نشترط على أولياء الأمور كتابة (تعهد) عند التسجيل للروضة أو الابتدائية ألا يطالب بوظيفة بعد 18 عاما بالتقريب من الدراسة؟ لماذا لا تمنع الجامعات من استقبال ما يزيد على 200 ألف طالبة جديدة إذا كنا على كامل اليقين أن هذا المصنع الضخم بلا سوق للاستهلاك في النهاية؟ لماذا لا يعلم هؤلاء أخيرا أن القطاع الخاص قد استوعب في العامين الأخيرين ما يقرب من 160 ألف وظيفة ولكم أن تحدثونا عن قصة واحدة من نسيج الأوهام وخيالات الفساد الأخلاقي. أعطوني أبا لا يريد لابنته وظيفة.