فراس جميل عطية
تتبادر إلى الذهن تصنيفات عدة لأنماط شخصية الإنسان المعاصر التي تتغير تباعا بحسب المصادر الجيوسياسية والفسيولوجية الإرادية منها واللاإرادية دون أن تتأثر بالضرورة كينونته الجمعية. وبحسب البروفيسور "جون أرشيبولد" الصيرورة الزمانية للإنسان هي الرافد الأساسي للكامن في الماورائيات الإنسانية منها وما دون ذلك. وبالتالي يمكن اختزال مكامن النفس البشرية في حالة واحدة؛ الحب الثابت منه والمتغير. يقول المفكر العربي ربيعة بن الأقحوان إن الإنسان هو كتلة من اللامرأي تختلف درجة وضوحه بحجم الضوء المسلط على حقيقته.
خلاصة القول إن الإنسان في عمومه وبغض النظر عن كينونته الأصيلة أو صيرورته الزمانية ما هو إلا محصلة آلاف الأفكار التي تلتقي كلها عند نقطة اللاعودة. ما سبق كله عبارة عن كلام فارغ لا أساس له ولا معنى لكنه يشبه في لغته ومصطلحاته خطاب بعض المثقفين الذين يكتبون كلاما لا يفهمه أحد. وبما أننا لا نفهمه فلا بد إذا أن تكون هذه الأفكار المرصوصة على شكل طلاسم هي عصارة الحكمة وخلاصة الثقافة ونهاية الكلام. تجد هؤلاء الموهومين يكتبون كتبا من ألف صفحة مليئة بالحشو والأفكار المكررة، والعبارات المجترة بينما الفكرة الرئيسية إن وجدت يمكن كتابتها في سطرين. يتواجدون في خيالهم وعوالمهم التي لا يأبه لها العوام والبسطاء أمثالي ممن يصفهم المثقفون بالرعاع بينما هم يزعمون أنهم يتحدثون معهم وعنهم وعليهم ومن أجلهم. وأن على هؤلاء الرعاع أن يتنحوا جانبا ويتركوا أمر قيادة المجتمع للمثقفين المهمومين الذين لا يفهمهم أحد. لهؤلاء أحب أن أقول أنتم لا تشبهوننا ونحن لا نعرفكم.
المثقف الحقيقي من وجهة نظري المتواضعة هو من الناس، واحد منهم، يعيش بينهم، يكتبهم، يشرحهم، يعريهم، يتحدث إلى أمراض مجتمعاتهم.. يمشي معهم ولا يمشي وراءهم. قد يشتم، وقد ينبذ، وقد يفرض عليه الموت بالحياة في العزلة لكن الناس في النهاية يعلمون أنه واحد منهم.. يرونه في أماكنهم.. يشبههم.. فهو يعلم كما يعلمون أنه ما هو إلا واحد منهم..