كثرت مطالبات الكتاب في الصحف باستقالة المدير العام للخطوط الجوية العربية السعودية المهندس خالد الملحم من منصبه، نظراً لتدهور خدمات ناقلنا الوطني إلى أدنى مستوياتها بحسب ما يراه الكثيرون.

لا أحد يختلف على أن خدمات "الخطوط السعودية" لم ترق إلى تطلعات المسافرين، ومازال موظف الخطوط هو أقل الموظفين ابتسامة على مستوى الشركات التي تتعامل مع الجمهور.

ولكن لا أرى فرقاً في الابتسامة بين موظف "الاتصالات السعودية" و الخطوط، لأن الاثنين يأتيان من نفس الخلفية، وهي أنهما جزء من شركة حكومية ولا يمكن التخلص من أي موظف "غير منتج وغير سعيد" بسهولة، ومع ذلك لا ينتقد أحد في الصحف "ابتسامة" موظفي الاتصالات وينتقدون موظفي الخطوط.

المطالبة باستقالة الملحم هي أسهل الحلول وهي ما يتحدث عنه الكل، ولكن الكل لا يتحدث عن الحلول الصعبة رغم أن الشركة تسمع وتقرأ كل ما يقال عنها في الصحف.

الملحم لم يتسلم الخطوط السعودية وهي في أحسن حال، بل تسلم تركة ثقيلة، فالشركة كانت مليئة بموظفين كبار السن وغير منتجين، والملحم وضع خطة لتحويل الكوادر العاملة إلى كوادر شابة ومنتجة.

وفي الحقيقة أن غالبية من لا يبتسمون في الخطوط هم الموظفون كبار السن الذين أحسوا بأنه لم يعد هناك مكان لهم في الشركة وأن الشيك الذهبي ينتظرهم.

هذه بحد ذاتها مشكلة، فالموظف الشاب عندما ينضم إلى الشركة سيجد أمامه موظفا غير سعيد ومحبطا وبناءً على "طبائع الأمور" فإن المحبط يريد أن يحبط غيره.

لكن هذا ليس كل التحديات، فعندما ورث الملحم الخطوط كانت الإدارة السابقة قد روجت كثيراً لمشروعات كثيرة لم تر النور، ولأننا لا نعرف الأشخاص ونعرف الشركات، فإننا ننتظر تحقيقها. وهناك تحدٍ أكبر وأصعب، فالملحم تسلم الشركة والسكان في المملكة في زيادة كبيرة والطائرات لم تعد تكفي والحصول على طائرات بسرعة خيار صعب، لأن قوائم الانتظار في بوينج وإيرباص طويلة. الملحم رجل إداري "بحت" يعرف كيف يدير وكيف ينظم ويرتب، ولكنه لا يهتم بالتسويق ولا يفكر في العميل، كما فعلت الإدارة السابقة التي كانت محترفة في التسويق ولكنها لم تستطع أن تتقدم خطوة واحدة في التخطيط الإداري والخصخصة.

الملحم "مهندس" والمدير العام السابق خالد بكر "مسوق" والكابتن أحمد مطر "ميداني"، ومن الصعب أن تنتقل الإدارات من شخص إلى آخر.. كل له عقليته ثم نأتي ونتوقع أن تكون الخدمات واحدة؟ الخطوط السعودية تحتاج إلى الملحم وتحتاج إلى "ملحم" آخر يجيد التسويق ويفهم كيف يخدم العميل وليس كيف يسحب أموال العميل فقط. والملحم أمام مأزق كبير مع الجمهور، لأن كل تركيزه منصب على المدى البعيد وعلى الخصخصة والتنظيم الإداري والناس لا يريدون سوى الخدمات ولا تهمهم الخصخصة، ولهذا فإن الكل غاضب وسيظل غاضبا.