• يبدو أحيانا أن منطق الحقوق في ذهن المجتمع غائب، أو في أفضل حالاته غير واضح، فمن وقت لآخر تظهر مقولات محرضة في منتهاها على الجريمة، ومع ذلك يتعاطى معها المعنيون بسلبية تامة. قلة هنا أو هناك قد تصرخ بمقالة أو كتابات تشبه الصراخ في مواقع التواصل.. إلخ.
• حين توصف نساء قياديات في البلد بأنهن ساقطات ثم لا يتحركن ولا أهاليهن للمقاضاة، فإن هذا يعطي التطرف مدى أوسع لينال من المجتمع كله دون رادع، وحين يُقسم أحدهم أن من يسمح لقريبته أن تعمل في المستشفيات بأنه ديوث، ثم لا تتحرك ولا فتاة واحدة أو قريبها للمقاضاة، فإن هذا أيضا يعطي التطرف مدى أوسع لينال من المجتمع دون رادع، وحين يلمح أحدهم إلى التحرش بالكاشيرات ثم لا تتقدم ولا واحدة لتسجيل حقها، فإن هذا يعطي التطرف المدى نفسه. هل لا بد أن تقع الجرائم حتى نتذكر من حرض عليها؟.
• أحد الأسماء العامة تقدم قبل مدة ضد آخر بدعوى قضائية وقُبلت. لكن هذه البادرة لم تكن كفيلة بعد لتفتح أعين الناس على نظام كامل يتعلق بجرائم التهديد والتشهير والقذف والتكفير والاختراق والتجسس وغير ذلك مما يدور في فضاء الإنترنت، والذي تنال النساء النصيب الأوفر من كل هذا، وقد قرأت بعض التعليقات الموجهة لكاتبات طرحن مقالة أو فكرة تطفح بالبذاءات والقذف الصريح وبكلمات في غاية القبح، كفيلة أن يُعاقب عليها صاحبها أشد العقاب.
• من المهم أن تتطور حالة النقاش والتدافع والجدل بين الناس، أن تحتك الأفكار ببعضها، وأن نلتقي وأن نختلف، أن نتعدد ونتنوع مهما كانت الحدة والقسوة في إطار الرأي وقبيله، والحجة بالحجة والفكرة بضدها، ويفترض أن تقف الدولة بمؤسساتها في المنتصف لحماية هذا التطور، لا أن تنحاز لطرف ضد آخر، أيا كان هذا الطرف. وبالتأكيد فإنه حين ينتبه الناس لقوة القانون ويثقون به، وحين تنشأ في المجتمع ثقافة الحقوق والمطالبة بها، فإن هذا الجدل سيتجه نحو نمو وعي المجتمع واحترامه لبعضه البعض، وسيقف الكثير مما يقع من افتراس الناس لبعضهم عند حدّه، وسيفكر الذين يطلقون ألسنتهم بأقذع ما فيها كثيرا قبل أن يروجوا لجريمة أو تحرّش، أو كلمات قذف أو تكفير.