إطلاق الشائعات والتصريحات المثيرة للجدل، ادعاء التعرض للحوادث، أو الإصابة بمرض خطير، باتت وسيلة لبعض من مشاهير الفن في مصر والعالم العربي لجذب الانتباه، ولكي يكونوا محط أنظار الناس ووسائل الإعلام بشكل دائم.

وأمام اعتماد البعض من نجوم التمثيل والطرب على هذه الوسيلة باعتبارها مجدية وسريعة المفعول، تحولت من مجرد "وسيلة" إلى "ظاهرة"، فإذا ما شعر الفنان أو الفنانة بالغياب عن الساحة، يتم إطلاق "شائعة" لتخلف وراءها عاصفة من الجدل والتساؤلات، ومن ثم جذب انتباه الجمهور والصحافة حتى يعود "النجم" إلى دائرة الضوء مرة أخرى، خاصة وأن الجمهور العربي غالبا ما يعشق القصص و"الحواديت" المثيرة الخاصة بالمشاهير.

وقال نقاد وأساتذة إعلاميون في حديثهم لـ"الوطن"، إن تلك الوسيلة هي أقصر الطرق للعودة إلى الأضواء من جديد، ومن ثم تحقيق مزيد من الشهرة، مؤكدين في الوقت نفسه أن أغلب تلك الشائعات تكون "مُفبركة"، الغرض منها كسب تعاطف الجمهور، أو تحقيق مكسب مادي أو الانتقام من أحد المنافسين.

وأشاروا إلى أن "إطلاق الشائعات لم يكن وليد الوقت الحالي، وإنما ظاهرة بدأت في الخمسينيات، لجأ إليها غالبية نجوم "الزمن الجميل" مثل عبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، وأنور وجدي، ورشدي أباظة، حتى استمرت إلى وقتنا هذا، ولكنها شهدت تطوراً يواكب العصر الحديث، وما شهده من طفرة تكنولوجية، حيث "الإنترنت" ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل انتشار الشائعة يتم بسرعة البرق، بينما كان إطلاق الشائعات يعتمد في الماضي على الصحافة فقط.

وأحدث الشائعات التي أطلقت قبل أيام، كانت تتعلق بتعرض المطرب الشعبي المصري سعد الصغير لحادث سطو على إحدى الطرق فجراً، وإصابته بطلق ناري، وسرقة سيارته، والأغرب من ذلك هو عدم تأكيد الصغير للخبر أو نفيه، واكتفى بمشاهدة الخبر يتناقل عبر المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف، إلى أن كُشف المستور في النهاية، واتضح بأن الخبر "كاذب"، حيث شوهد سعد في أحد الفنادق بعد أيام من الخبر يحيي حفلا.

وقبل أسابيع اتشرت شائعة كالبرق عن وفاة المطرب تامر حسني بعد تعرضه لحادث سيارة أليم، ولم ينف تامر الخبر أيضاً، والغريب أن تلك الشائعة تكررت نحو 5 مرات وبنفس الصيغة خلال شهرين.

وأعلن المطرب رامي عياش منذ سنوات أنه مصاب بمرض خطير، وادعى أنه قد يكون مرضا خبيثا، لتتهافت عليه الصحافة والإعلام والجمهور، ليكتشف الجميع في النهاية أنها كانت مجرد محاولة من رامي لتحقيق شهرة أكبر، وهو ما أكدته الصحف ووسائل الإعلام في تحليلها للموقف.

من جانبه أكد أستاذ الإعلام المعاصر بكلية الآداب بجامعة القاهرة الدكتور رؤف عبدالعظيم، أن "الفنانين الذين يريدون العودة بعد غياب عن الساحة الفنية، يلجؤون إلى إشاعة خبر غير صحيح قبل إصدار عمل جديد لهم، من أجل تسليط الضوء عليهم بشكل أكبر، وقد يكون الخبر يتعلق بالزواج، أو قصة حب، أو حادثة، وقد يكون خبراً سيئاً يتعلق بمرض أو بمشكلة معينة.

وأضاف عبدالعظيم أن القصص الغرامية تدور حولها أبرز الأخبار التي يتم تناقلها عن الفنانين، وهي التي تسلط الأضواء عليهم بصورة أكبر.

من جهتها ألقت الناقدة الفنية نهى جابر باللوم على بعض الصحف التي تلفق الأخبار التي من شأنها الضرر والنيل من سمعة الفنان، أو حتى نشر أخبار الغرض منها "تلميع" بعض الفنانين.

وأكدت عميدة معهد الأكاديمية العربية للغات، والخبيرة الإعلامية الدكتورة عزة هيكل، أن بعض الفنانين يعتمدون في نشر الشائعات على أصدقائهم من الإعلاميين، وهي وسيلة يتم اللجوء إليها لتحقيق أغراض ومكاسب، إما للانتقام، أو لجذب انتباه الجمهور، ووسائل الإعلام إليهم، خاصة إذا شعر الفنان أنه غاب عن الساحة الفنية، وهو أصعب ما يمكن أن يعانيه النجم أو النجمة.

وأشارت إلى أن هذه الظاهرة ممتدة منذ سنوات، حيث اعتمد عليها عبدالحليم لضمان تسليط الضوء عليه باستمرار، من خلال الاعتماد على صحفيين ينشرون شائعات تتعلق بقصص حب أو زواج عنه، وكذلك استخدم أنور وجدي هذا الأسلوب في الانتقام من ليلى مراد حين طلقها، حيث أطلق تصريحات بأن طليقته اعتزلت الفن، حتى يبتعد عنها المنتجون، وكذلك الموسيقار فريد الأطرش، الذي أطلق شائعة على نفسه بوجود قصة حب تجمعه بالملكة السابقة "ناريمان" زوجة الملك فاروق، للرد على شائعات كانت تثار آنذاك حول وجود علاقة حب بين الملك فاروق والراقصة سامية جمال، التي كان يحبها فريد الأطرش وكان على وشك الزواج بها.