أسهمت مجموعة الدردشة الهاتفية المجانية المعروفة بـ "واتس آب" في لمّ شمل زملاء وأصدقاء سابقين بعد 15 عاماً من الشتات، حيث توطدت صداقتهم حينما كانوا طلاباً بإحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم بجدة، وهو مسجد السليمان الشهير في جنوب وسط العروس. مشاغل الحياة وظروف العمل، فرقت الأصدقاء القدامى بين مختلف مناطق ومدن المملكة، إلا أنهم وبفضل تقنية "واتس آب" - التي تعد من أكثر وسائل التواصل استخداماً في الدردشات الهاتفية- استطاعوا الالتقاء مجدداً، لاستعادة الذكريات والمواقف السابقة، وتعارف الجيل الثاني من أبنائهم الذين حضروا اللقاء، بحسب مهندس اللقاء المحاسب في الندوة العالمية للشباب الإسلامي عمر عيسى حسان في حديثه لـ"الوطن".

ويضيف حسان "أنا وزملائي في حلقات تحفيظ القرآن افترقنا منذ أكثر من 15 عاما، ولم نلتق طيلة تلك المدة، ففكرت في إنشاء مجموعة على "واتس آب"، من خلال بعض أرقام الزملاء التي كانت معي، وسعدت بتفاعل الأصدقاء مع المجموعة، وكان كل صديق يضاف يأتي بأرقام لأصدقاء آخرين، إلى أن اكتملت قائمة الزملاء في مجموعتنا، ففكرنا في تنظيم لقاء أو اجتماع للم الشمل، ولاسيما أن أغلبية الزملاء لم يلتقوا منذ تخرجهم من المسجد، ونجحنا في إتمام اللقاء بعد أسابيع من التنسيق والإعداد".

ويستخدم العديد من الأصدقاء برنامج ''واتس آب' الذي يتيح التواصل النصي عبر الجوال 'في تكوين' مجموعات خاصة يتواصلون من خلالها مع زملاء الدراسة، أو رفقاء الحي، ما أدى إلى تجديد وإنعاش الصداقات القديمة، كما أتاحت لهم اللقاء وجهاً لوجه، كما أنها أتاحت المجال لمعرفة أخبار الأصدقاء، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم.

وقال رئيس اللوازم المخبرية بالتموين الطبي بجدة الدكتور أحمد ميرزا، الذي استضاف أصدقاء التحفيظ في إحدى الاستراحات: "نجحت الحياة في تغيير ملامح بعض الأصدقاء بعد مرور 15 عاما على تفرقنا، لكنها لم تنجح في تغيير حميميتهم"، مشيرا إلى أن علاقتنا الأخوية منذ القدم وكطلاب تحفيظ انعكست على مستوى أداء المسجد، حيث قدنا مجموعة التحفيظ إلى التميز والإبداع، وتشهد لها سجلات التفوق في إدارات جمعية تحفيظ القرآن على مستويات عدة.

أما المهندس بالخطوط السعودية عادل سيت، فوصف الاجتماع بـ"الرائع"، مضيفاً أنه أحيا مشاعر الحنين لتلك الصداقة المخلصة، التي أينعت ثمارها بعد الغياب بهذا الاجتماع.

فيما بين محمد بابكر أن مشاعره لا تقل عن بقية زملائه، قائلاً: "انتظرت طويلاً في سبيل مثول هذا اليوم الذي ألتقي فيه بزملائي الأعزاء بعد أن فرقت بيننا الأيام، وعندما التقينا كنت أتأمل كل فرد منهم، وأتذكر المواقف العديدة التي جمعتنا".

الباحث الإجتماعي محمد الزناتي أكد أن مثل هذه اللقاءات تمثل ركيزة مهمة من الناحية الاجتماعية، موضحاً أن هناك الكثير من العلاقات تذهب أدراج الرياح، إلا أن لقاءنا قام على الصحبة الصالحة والتعاون، لذلك لا يمكن أن ينتهي، خصوصاً أنه كان مقروناً بذكريات جميلة ترعرعت في ظل حفظ القرآن الكريم.

تجدر الإشارة إلى أن التقنية وتطور وسائل الاتصال، ساهمت مؤخرا في تزايد ظاهرة "لم الشمل" والتي عادة ما تتم بين الأصدقاء، أو زملاء الدراسة الذين لم يلتقوا لفترات طويلة، حيث تسهم هذه اللقاءات في إعادة أواصر العلاقات التي قد تكون مشاغل الحياة قد أضعفتها كثيرا.