يخوض السعوديون الذين بلغوا منتصف العمر بين الشباب والكهولة صراعاً نفسياً وعاطفياً بين راحة الوطن المستقر ومخاوف المستقبل لوطن حفظه الله بفضله، ثم بحكمة قادته وتكاتف مواطنيه من كل هذه الزوابع التي تمر عليه كل عقد ويخرج منها سليماً صلباً. ثقتهم بالله كبيرة أن يحفظ وطنهم لأبنائهم وأحفادهم.. ولكنهم يعرفون أن أجيالاً قادمة لا تحمل نفس فكرهم.

2032 ستكمل السعودية بإذن الله 100 عام على إعلان الدولة، ولكنها سنة سيختفي فيها أغلب من حضر الفقر والجوع والشتات عند التأسيس وسنينه الأولى، وهذا أمر الله وديدن الحياة. وسيتصدر جيل سيكون كهوله ولدوا أيام الطفرة النفطية، وشبابه تكون عقولهم واتجاهاتهم قد تأثرت بالعولمة ووسائل التواصل الاجتماعي.. جيل لا يهمه كثيراً الاستقرار بل سيعاني من فجوته، أي ليس الإنجاز أن نكون مستقرين بل ما يجب أن نكون عليه من تطور، ولن يقتنعوا بفقر الأجداد ورغد الأحفاد، بل سيصابون بما يسمى الحرمان النسبي للجيل، أي طلب المساواة في الغنى مثلما كانت المساواة أيام الفقر.

سيتصدر الشأن العام في السعودية شباب تربوا على عدم وجود حواجز وعلى ارتفاع سقف النقد، وسيقود المجتمع مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات الذين تلقوا تعليمهم في الخارج.. مئات المؤشرات على تغير السعوديين القادم، ومئات المواقف التي حموا فيها وطنهم والتفوا حول قيادتهم. ولأن اليوميات المثيرة والمرهقة يمكن أن تنسينا الاستراتيجيات؛ فإن الفرصه التاريخية المواتية للسعودية أن يقود مركز حوارها الوطني ورش ضخمة لصياغة وثيقة وطنية تسمى "السعودية 2032" ترسم مستقبل الوطن وتتواءم مع تدرج التطوير الذي أعلنه الملك.

حب السعوديين لملكهم لا تخطئه العين، وتقديرهم لولي عهده معروف، وتعلقهم بوطنهم يزداد بعد كل أزمة.. وبعد مناظر الدماء حولهم في كل مكان، ولأننا لسنا دولة هامشية أو صغيرة فآمالنا كبيرة.

ثباتنا في وجه فوضى الربيع دليل متانة الشرعية، وخاب الأعداء وتوقعاتهم. وخرجت السعودية قوية.. وقرار التطوير وقت القوة أصعب القرارات ولكنه أشجعها.. عاش الوطن.