لا ترتاح أسرتي ولا الكثير من أصدقائي لاصطحابي معهم إلى المطاعم، فمهما كان مستوى هذه المطاعم حتى لو كانت من المطاعم المتواجدة داخل الفنادق ذات الخمسة نجوم لا أرتاح لأكلها بسبب ما رأيت بنفسي وما سمعت شخصيا من المراقبين الصحيين الذين يعملون في البلديات عن واقع المطابخ والنظافة وطريقة إعداد الطعام وتخزينه في تلك المطاعم.
عدم حبي لأكل المطاعم وعلمي بأغلب ما يحدث في المطابخ يجعلني دائما أدخل في مشاكل مع مقدمي الخدمة في المطاعم، وإن لم أدخل في مشكلة فإن ذلك ناجم عن ضغط كبير ممن معي خاصة الأسرة حينما يقولون لي "لا تفشلنا أمام الناس"، وعادة أتنازل عن "الهوشة" وأرضخ لضغط الأسرة حينما تكون المشكلة متمثلة فيما يصنف عند أهلي وأصدقائي على أنه يمكن تحمله أو غض النظر عنه بينما أنا لا أراه كذلك، وفي الغالب لا أتناول حينها الأكل بنفس مفتوحة.
الأربعاء الماضي كنت في الرياض وقد دعاني الزميل والصديق سلطان البازعي لتناول الغداء في أحد المطاعم المشهورة بشارع التحلية، وما إن جلسنا حتى لاحظت شابا يجلس في طاولة ليست بعيدة عنا متذمرا وغاضبا على مقدم الخدمة في ذلك المطعم ويشير إلى صحن السلطة قائلا: "انظر إلى هذه الحشرة.. كيف لا تحرصون على نظافة ما تقدمونه للناس"؟ وحاول (الجرسون) أخذ الصحن من الطاولة وهو يعتذر للشاب بشدة ويبدي استعداده للتعويض بما يريد، لكن الشاب مارس دوره المفترض ولم يستسلم لطلبات مسؤولي المطعم فأخذ صحن السلطة واحتفظ به وقام بالاتصال على أمانة الرياض عبر الرقم المحدد لمثل هذه الشكاوى، ومن شدة إعجابي كنت أود أن أذهب إليه وأثني على موقفه وأعزز هذا المنهج الذي اتبعه، لكن ظرفا ما حال بيني وبين فعل ذلك، وحتما أنا أقصد بالمنهج هنا منهج التغيير الذي هو عنوان هذه الزاوية التي أكتب تحت اسمها وأهدف من خلالها إلى المساهمة في التغيير.
تصرف الشاب ومبادرته بالاتصال بالبلدية وعدم اكتفائه بالتذمر والغضب ومن ثم ترديد عبارة الشكوى من المطاعم عند الأصدقاء والأهل والزملاء هو ما ينبغي أن نفعله دائما تجاه كل الأخطاء وأوجه القصور والتجاوزات التي نراها ليس في المطاعم فقط بل في كل مكان، لأن فعل مثل هذا يساهم بشكل قوي ومباشر في التغيير نحو الأفضل ويختصر الوقت، أما مجرد التذمر غير المقرون بالفعل فلن ينفعنا، ولهذا أنا أتضايق جدا ممن يشتكون دائما من بعض التصرفات والملاحظات والمآخذ التي يشاهدونها في الشارع أو في أماكن العمل وكان بإمكانهم المساهمة في التغيير عبر النصح أو اللجوء للقنوات الرسمية المعنية بمعاقبة المقصرين والمتخاذلين في أعمالهم، لكنهم لم يفعلوا شيئا، وكما أسلفت اكتفوا بالشكوى بينهم وبين أنفسهم أو عند الأصدقاء والأهل من باب التنفيس.
كثيرة هي الأشياء التي يمكن لنا أن نساهم في حلها أو تطويرها أو الحيلولة دون تكرار الأخطاء فيها لو بادرنا في أن نكون جزءا من الحل عبر المشاركة في التغيير كل حسب قدرته وظروفه.