حين تزور جنوب الرياض سيلفت نظرك بضائع "خردة" ملقاة على قارعة الطريق، وازدحام مروري وبشري كبير، وتكدس للمركبات وسط ضجيج محركاتها ومنبهاتها الصوتيّة المرتفعة.. ذلك جزء من مشهد "حراج الخردة"، أو ما يعرف بحراج بن قاسم، جنوب العاصمة.

هذا الحراج يسبب صداعاً يومياً كبيرا لسكان وزوار جنوب الرياض، خاصة في الفترة المسائية التي تبدأ قبل العصر وتستمر حتى بعد العشاء، ولا سيما في عطلة نهاية الأسبوع، كونه يقع في منطقة ضيقة ومزدحمة في محيط تقاطع طريقي "البطحاء" و"الحائر" على الدائري الجنوبي، وكل منهما يكتظ بأعداد هائلة من السيارات، نتيجة الكثافة السكانية لقربه من أسواق الأنعام والخضار والفاكهة ومسلخ جنوب الرياض وسوق الطيور ومحطة النقل الجماعي وصناعية السيارات، مما يسبب ضغطاً كبيرا لم تنجح معه جهود وزارة النقل والمرور بتغيير مسارات الطرق وتوسعتها لحل مشكلة الازدحام هناك. "الوطن" زارت حراج الخردة الذي بدا في مشهد عشوائي يبدأ من امتلاء الساحات ومواقف السيارات المحيطة بالسوق بأرتال من البضائع المستخدمة التي تعرض بكافة أنواعها.. فكل ما يخطر على بال المتسوّق يجده هناك بأسعار زهيدة. هذه البضائع زحفت حتى عرضت على الأرصفة ثم زادت كمياتها لتستحوذ على أجزاء من مسارات الطريق الرئيسي المؤدي لجنوب الرياض.. يساهم في ذلك طمع "الشريطية" و"الدلاّلين" الذين يلاحقون السيارات المحملة بالبضائع بمجرد دخولها محيط الحراج للظفر بالبضائع التي تحتويها، حتى إن بعض المفاوضات بينهم وبين البائع تتم وسط الطريق العام، مما يتسبب في إيقاف حركة السير، ويفرز ازدحاما كبيرا يضطر أصحاب السيارات المارة لاستخدام منبهات سياراتهم بأصوات مرتفعة وبشكل مستمر كنوع من الغضب على مشهد المخالفين، مما يحوّل المكان إلى صخب وإزعاج كبير طوال الوقت. وقال المواطن راشد الدوسري إن الدخول لمعمعة "حراج بن قاسم" يعتبر مخاطرة للسائقين الذين يصطدمون بأرتال من البضائع الخردة الملقاة على الأرصفة وقارعة الطريق، وسيضطرون للبقاء وقتاً طويلاً للخروج من مأزقهم نتيجة العشوائية وعدم التنظيم في الموقع الذي يعتبر أكثر المواقع ازدحاما في الرياض ويسبب صداعاً يومياً لسكان الأحياء المجاورة الذين يعانون طوال أكثر من 60 عاماً من هذا الحراج الذي كان مصدرا للدخل في بداية إنشائه لكنه تحول مع مرور الوقت إلى معاناة للمجاورين له، فيما يشير المواطن محمد السعد إلى أن السكان استبشروا خيرا بقرار أمانة مدينة الرياض نقل الحراج من موقعه الحالي، إلا أنه مر قرابة 5 سنوات على إعلان الأمانة نقله ولم يتم ذلك، مشيراً إلى أهمية الإسراع في معالجة وضع الحراج بنقله لموقع آخر بعيد عن الازدحام وتخصيص دوريات أمنية ومرورية لتنظيم حركة البيع والشراء، ومنع إغلاق الشوارع والممرات المحيطة بالسوق، وتكثيف الرقابة على البضائع التي تصل للحراج، والتأكد من باعتها للحد من السرقات وتصريف المسروقات في الحراج.

يذكر أن أمانة الرياض أعلنت قبل نحو خمس سنوات عزمها نقل الحراج من موقعه الحالي إلى موقع آخر يبعد حوالي 3 كيلومترات جنوب موقع الحراج الحالي على طريق الحائر، بمساحة إجمالية قدرها 483000م 2 ، أي أربعة أضعاف مساحة الحراج الحالي والتي تبلغ 96.000م2 ، وتوقعت الأمانة حينها أن يتم الانتهاء من تصميم الحراج الجديد في غضون سنتين، لافتة في بيان صحفي نشرته وقتها إلى أن الحراج يعاني من الزحام الشديد خصوصاً في نهاية الأسبوع، سواء داخل السوق أو في الشوارع المحيطة به، وذلك لكثرة مرتاديه من البائعين والمشترين، مع صغر مساحته وضيق الشوارع المؤدية إليه، وكثرة المجمعات التجارية التي أنشئت في السنوات الماضية، معترفة بأنها والجهات الأمنية عانت من تلك الظروف بالرغم مما تبذله من جهود لتنظيمه.