فيما يراها البعض استراحة كافية، رآها آخرون مرت كلمح البصر؛ إذ ما لبثت الإجازة المدرسية الخاصة بمنتصف العام الدراسي، أن طوت أيامها الـ 14 لتستأنف المدارس أمس مشوارها التعليمي للفصل الدراسي الثاني، مع نسبة الغياب التي تعرفها الأيام الأولى في كل فصل.
وفي حين تبدو أحداث الاعتداء المؤسفة على المعلمين أو سياراتهم خلال أيام الاختبارات مفهومة؛ يبدو غريباً مشهد الاعتداء عليهم في أول يوم من أيام الدراسة، حيث تعرض مدير مدرسة ومعلم بمحافظة تربة للضرب، بينما فوجئ معلم في تبوك بتحطيم زجاج سيارته.
غياب وتبادل اتهامات
مدارس العاصمة استقبلت أول يوم دراسي في الفصل الثاني بنسبة غياب وصلت إلى 50% من إجمالي عدد الطلاب والطالبات، فيما تبادل أولياء الأمور والمدارس التهم حول حالة تهاون الطلاب واستهتارهم بالحضور، رغم تشدد وزارة التربية والتعليم في كل مرة بإلزامية الحضور منذ أول يوم دراسي.
المشرفة التربوية بشرى النعمان أكدت لـ"الوطن" أن هناك رقابة ميدانية على المدارس من أول يوم دراسي للتأكد من جاهزيتها لاستقبال الطلاب وترصد الملاحظات لرفعها للمسؤولين، فيما أوضحت منيرة عبدالله "إدارية بمتوسطة للبنات" أن غياب الطالبات في أول يوم دراسي يعتبر حالة طبيعية نظراً لسفر أغلب الأسر.
وأبدى عدد من أولياء الأمور لـ"الوطن" تذمرهم الشديد من بعض المدارس التي تشجع الطلاب والطالبات على عدم الحضور في الأيام الأولى من الدوام المدرسي، مما يحمل الآباء عبء إقناع الطلاب بالذهاب.
من جهة أخرى، وجهت إدارات تعليمية مديرات المدارس بأخذ توقيعات المدرسات على تعميم يؤكد عدم تمتع المعلمات بأي نوع من الإجازة، إلا بعد صدور قرار بذلك من الإدارة، وحملت المعلمة مسؤولية عدم التقيد، وذلك بعد ملاحظة غياب العديد من المعلمات بحجة تقديم إجازة رعاية مولود والاستثنائية والتعويضية قبل الموافقة عليها.
خطط وتوزيع مناهج
واستقبلت مدارس جدة صباح أمس أكثر من 500 ألف طالب وطالبة، وأوضحت التقارير الصادرة من مدارس البنين والبنات بتعليم جدة أن انطلاقة اليوم الأول شهدت انتظاما لجميع منسوبي مدراس التعليم العام للبنين والبنات من الهيئة الإدارية والتربوية والتعليمية وسط متابعة من مدير عام التربية والتعليم بمحافظة جدة ومساعديه ومديري مكاتب التربية والتعليم ومديري المدارس. وأوضح المدير العام للتربية والتعليم بجدة عبدالله بن أحمد الثقفي أن الخطة المعتمدة مسبقاً لانطلاق الفصل الثاني طبقت بشكل جيد وسط تضافر الجهود من جميع الزملاء في الميدان التربوي.
من جهته، أفاد مساعد مدير عام التربية والتعليم بمنطقة تبوك الدكتور هاشم بن عبدالله القحطاني أنه تم تكثيف الزيارات الإشرافية خلال اليوم الأول للوقوف على متابعة استعدادات الإدارة على أرض الواقع من خلال زيارة المشرفين للمدارس لمتابعة انتظام 200 ألف طالب وطالبة في الدراسة منذ اليوم الأول، وذلك في نحو 1000 مدرسة منتشرة في أرجاء المنطقة.
واستأنف نحو 110 آلاف طالب وطالبة الدراسة بمدارس نجران، حيث ذكر مدير عام التربية والتعليم بمنطقة نجران ناصر بن سليمان المنيع أن المدارس استقبلت طلابها وطالباتها بالعديد من البرامج التوعوية والتثقيفية حول كيفية تغيير البرنامج الزمني لقضاء اليوم الدراسي والتخلص من السهر حتى ساعات الصباح الأولى.
وأكد مدير التربية والتعليم بسراة عبيدة الدكتور هشام بن عبدالملك الوابل انتظام جميع المعلمين والطلاب في مدارسهم وفي مختلف المراحل الدراسية ولم تسجل سوى حالات فردية للغياب، وقال إن الطلاب تم تسليمهم كتب المناهج الدراسية منذ اليوم الأول وفق خطة ممنهجة من قبل الإدارة التعليمية.
"اللقطة المعلوماتية"
وحددت وزارة التربية والتعليم لجميع إداراتها التعليمية اليوم موعداً لإجراء "اللقطة المعلوماتية" للوزارة ومنسوبيها لرصد الواقع الفعلي لها، وإضافة المدارس المحدثة وإغلاق التي ترى الإدارات التعليمية إغلاقها.
وطالب نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد بن عبدالله السبتي، في تعميم، اطلعت "الوطن" عليه، جميع مديري التربية والتعليم بالمناطق والمحافظات التعليمية، بضرورة التقيد بالموعد وتشكيل اللجان المساندة للعمل لضمان نجاح "اللقطة" بشكل صحيح ودقيق، مؤكداً الأهمية الكبيرة للمعلومات ودقتها في استخراج المؤشرات التربوية لرفع كفاءة العملية التعليمية وبما يدعم عمليات صنع القرار ويسهم في وضع الخطط التنموية التنفيذية والاستراتيجية.
وأكد السبتي على مديري التعليم بتزويد المركز الوطني للمعلومات التربوية بالوزارة بصورة من قرار تشكيل اللجان بكل إدارة تعليمية على أن تكون برئاسة مدير التعليم أو أحد مساعديه وعضوية مديري تقنية المعلومات والإشراف التربوي وشؤون المعلمين والتخطيط المدرسي وشؤون المباني والاختبارات والتعليم الأهلي والتربية الخاصة ومكاتب التربية والتعليم.
وبين السبتي، أن تعليمات "اللقطة" تؤكد على توظيف نظام "نور" للإدارة التربوية ومتابعة عمليات تصحيح وإدخال البيانات كل وفق اختصاصه، منوهاً بضرورة تطبيق معايير الجودة الشاملة في توفير البيانات المعلوماتية لجميع المدارس، وتدقيق وتصحيح الأرقام المعلوماتية لها حسب شرائح الأرقام المعلوماتية المعطاة من قبل المركز الوطني بالوزارة.
ضرب وتكسير
وتعرض مدير مدرسة حراضة بمحافظة تربة وأحد معلمي المدرسة للضرب من ملثمين اعترضوهما أثناء عودتهما من المدرسة في أول يوم دراسي، واعتدوا عليهما بالضرب مما أدى إلى إصابة مدير المدرسة – تحتفظ "الوطن" باسمه - بإصابة في رأسه وكسر يد المعلم الذي كان يرافقه.
وقال مصدر أمني لـ"الوطن" إن فرقا من الدوريات الأمنية بشرطة تربة والبحث الجنائي باشرت التحقيق في تعرض مدير المدرسة والمعلم للضرب من قبل ملثمين وتم فتح ملف التحقيق والقبض على عدد من طلاب المدرسة الذين كانوا حولها ولم يحضروا الحصص والتحقيق معهم في محاولة للوصول إلى الجناة الذين يعتقد أنهم من طلاب المدرسة، وتم نقل المصابين إلى مستشفى الأمير سلطان بالطائف.
من جهته قال مدير عام التربية والتعليم الدكتور محمد بن حسن الشمراني أن الحادثة وقعت خارج أسوار المدرسة وتسلمتها الجهات الأمنية مشيرا إلى أن الإدارة ستقوم بإجراءاتها على ضوء ما تتوصل إليه الجهات الأمنية من تحقيقات، وأشار الشمراني إلى أنه اطمأن على صحة مدير المدرسة والمعلم وكانت حالتهما مستقرة.
وفي تبوك، فوجئ معلم في ثانوية الملك فهد بتبوك، بتهشيم زجاج سيارته، التي كانت تقف أمام المدرسة، مع بداية أول يوم دراسي للفصل الثاني، إذ اعتدى مجهولون على سيارة المعلم "من جنسية عربية"، حيث قاموا بتهشيم زجاجها بالكامل، في الوقت الذي باشرت فيه الأجهزة الأمنية الحادثة.
مشاعر متباينة
وذكر المعلم بندر مرعي أن الأجواء الجميلة التي شهدتها منطقة تبوك ساهمت في غياب عدد من الطلاب، لافتاً إلى أن الإجازة أثرت إيجابياً على روح الطلاب والمعلمين، حيث منحتهم وقتاً للراحة وتجديد النشاط، وهو الرأي الذي خالفه فيه المعلم طارق البلوي الذي أشار إلى أن مدة الإجازة لم تكن كافية، لافتاً إلى أن تأثيرها كان سلبياً بسبب قصر المدة وضغط الحجوزات على الطيران، مما دفع الكثيرين إلى السفر براً رغم كون الإجازة لمدة أسبوع فقط.
أما الطالب نايف العطوي "في المرحلة الابتدائية" فقال "الأجواء الجميلة دفعت بقية إخوتي إلى الغياب حيث حضرت أنا فقط للمدرسة اليوم" فيما بدت عليه علامات الندم على عدم غيابة مثل إخوته.