رغم أن وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الضمان الاجتماعي ترفع شعار "نصل إلى المستفيد بدلاً من أن يصل إلينا" إلا أن مسنين يتوكؤون على عصيّهم، وآخرون بدا على وجوههم وأجسادهم الإرهاق والمرض وتعب السنين، يضطرون للدلوف في ممرات ضيقة وسط ضجيج وازدحام "البطحاء" للوصول إلى مكتب الضمان الاجتماعي الواقع في قلب حي "العمل" وسط الرياض، بعضهم بسياراتهم الخاصة والبعض الآخر لجؤوا إلى سيارات الأجرة "الليموزين" وآخرون قطعوا مسافات طويلة من خارج الرياض لإنجاز معاملاتهم في المكتب الذي وصفوا موقعه بغير المناسب حيث يعاني الازدحام وعدم توفر مواقف لسياراتهم في كثير من الأحيان.
ولم تكن معاناة الوصول إلى المكتب هي الوحيدة لمراجعيه، بل تتعداه إلى مشقّة الانتظار والوقوف على نوافذ المكتب لإنجاز المعاملات في ظل عجز بعضهم ومرضه، وسط مطالباتهم بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي ومبالغ المساعدات المقطوعة، ومراجعة آلية بعض البرامج المقدمة للمستفيدين خاصة برنامج الأثاث المنزلي بما يرفع عنهم الحرج أمام معارفهم وضيوفهم ويحفظ لهم كرامتهم، وأيضا أمام الطلاب والطالبات فيما يتعلق ببرنامج توزيع الحقيبة والزي المدرسيّ التي طالبوا بألا تصرف للمستفيدين عينيّاً بل تضاف قيمتها إلى مبلغ الضمان الاجتماعي.
"الوطن" زارت المكتب الواقع على شارع "الغرابي" الشهير بمحلات زينة السيارات وإكسسواراتها مما يزيد من حجم الازدحام المروري حول المكتب الذي يبدو في مبنى قديم لا يرتقي بدائرة حكومية تقدم خدمات مهمة للكثير من الأسر، وتحيط به النفايات من كل اتجاه حتى إن عدسة "الوطن" رصدت بقايا الأرز واللحوم الملقاة على أرصفة الشوارع والممرات المحيطة بالمكتب.
أما داخل المبنى فبدا المكان غير مزدحم بالمراجعين نتيجة تخصيص يوم الأربعاء للحالات المرضية والإعاقات الجسديّة للمراجعين، وسط إنجاز سريع نوعا ما لبعض الحالات والمعاملات. وخلال الزيارة لوحظ تهرّب بعض المواطنين الذين التقتهم "الوطن" من ذكر أسمائهم الصريحة مبررين ذلك بخوفهم من التعقيدات التي قد تطالهم من المكتب في حال انتقدوا أداءه.
وقال المواطن محمد قاسم إنه يعول 35 فرداً ودائماً ما يحضر للمكتب للمراجعات كي يحصل على ما يقدمه من خدمات لأسرته، إلا أن مخصصات الضمان الاجتماعي والمساعدات المقطوعة التي تصرف لهم لا تكفي الكثير من الأسر خاصة من كان عددهم كبيرا، مطالباً بزيادة المخصصات لكل أسرة لمواجهة متطلبات الحياة وغلاء المعيشة.
فيما قال المواطن محمد خميس الذي التقته "الوطن" وهو يتوكأ على عصاه ويهم بركوب سيارة أجرة بعد إنهاء مراجعته، إنه رغم كبر سنه اضطر للحضور من منطقة "رماح" على بعد أكثر من 100 كيلو متر شمال الرياض كي ينجز معاملاته في المكتب، لافتاً أنه يعاني كثيراً من هذه المراجعات حتى إن ابنه الذي يرافقه أوقف سيارته على مدخل الرياض واستقلا سيارة أجرة ليسهل وصولهما للمكتب، متمنياً أن تكون هناك آلية لتجنيب المسنين والعجزة من الحضور لمكاتب الضمان كأن تتم دراسة الحالات إلكترونياً أو تخصص لهم سيارات نقل مجهزة تنقلهم للمراجعة، أو أن يذهب الموظفون بأنفسهم للمستفيدين في منازلهم وينجزون معاملاتهم لتجنيبهم عناء الحضور ومشقة إنهاء الإجراءات خاصة المعاقين والمرضى وكبار السن الذين يعانون الأمرين من هذه المراجعات.
أما المواطنان اللذان رمزا لاسميهما بـ"أبو مبارك" و"أبو نايف" فبررا عدم ذكر اسميهما الصريحين بخشية تعقيد إجراءاتهما مستقبلا حين نقدهم للمكتب حيث وصفاه بأنه مكتب غير صالح لجهة خدمية مهمة كالضمان الاجتماعي حيث يقع في منطقة ضيّقة ومزدحمة ومزعجة كالبطحاء، ومبناه قديم، ودورات المياه داخله قليلة العدد وسيئة النظافة، وتحيط بالمبنى من الخارج النفايات والأرصفة المتهالكة، ويعاني مرتادوه من عدم توفر مواقف لسياراتهم، مطالبين بأن يتم تغيير موقع المبنى وأن تفتتح فروع جديدة في شمال وجنوب وشرق وغرب العاصمة وفي المحافظات التابعة للرياض كي يسهل على المراجعين الوصول إليها، كما طالبوا بزيادة المخصصات ومراجعة آلية صرف الأثاث المنزلي والحقيبة والزي المدرسي خاصة تلك التي كانت تحمل شعار الوزارة وتسبب لهم حرجاً كبيراً من جيرانهم وضيوفهم ومعارفهم، وذات الحرج يقع على الطلاب والطالبات من الزي المدرسي والحقيبة المصروفة من الضمان حيث يحرجون أمام زملائهم ويشعرون بنظرات الانتقاص، متمنين أن تستبدل هذه المساعدات بمبالغ مجزية تضاف لمخصصات الضمان والمساعدات وحينها يستطيع المستفيدون شراء ما يحتاجونه من أثاث ومستلزمات مدرسية، كما طالبوا الموظفين بالتعامل بأريحيّة مع المراجعين وتقدير كبر سنهم ومرضهم عبر المبادرة بمساعدتهم والإسراع في إنجاز معاملاتهم.
"الوطن" توجهت بأسئلتها لوزارة الشؤون الاجتماعية، وجاء الرد على لسان وكيل الوزارة للضمان الاجتماعي محمد بن عبدالله العقلا الذي ذكر أن المستفيدين من خدمات الضمان الاجتماعي هم المطلقات، والأيتام ، والأرامل، والعجزة، وأسر السجناء، والمعلقات، ومن لا عائل لهم، والمهجورات،لافتا أن وكالة الضمان الاجتماعي ترعى أكثر من 776.862 أسرة في المملكة وتقدم خدماتها من خلال 102 مكتب للضمان الاجتماعي منتشرة في جميع مناطق المملكة ويصرف على المعاشات الضمانية أكثر من مليار وسبعين مليون ريال شهرياً، كما يقدم الضمان مساعدات عاجلة مقطوعة للحالات الطارئة مثل السيول والحرائق والكوارث الطبيعية التي تستوجب سرعة المساعدة بعد بحث حالتهم من جوانبها المختلفة، كما تسعى الوكالة إلى فتح قنوات للتواصل الدائم مع المستفيدين عبر شعار "نصل إلى المستفيد قبل أن يصل إلينا" من خلال الهاتف المجاني رقم "8001222777" والفاكس 014786594 والموقع الإلكتروني www.mosa-d.gov.sa حيث تستقبل هذه القنوات صوت المستفيد مقدماً أو شاكراً أو شاكياً.
وأضاف العقلا أن برنامج الحقيبة والزي المدرسي يقدّم لأبناء وبنات مستفيدي الضمان الاجتماعي البالغ عددهم 390.326 طالبا وطالبة ونُفّذ هذا المشروع اعتباراً من 11 /10 /1429 حيث شمل البرنامج كافة أبناء وبنات مستفيدي الضمان الاجتماعي حيث تم توزيع بطاقات ممغنطة على مكاتب الضمان الاجتماعي الـ102 وبدورها قامت المكاتب بتسليمها للمستفيدين، حيث تحتوي البطاقة على حقيبة مدرسية مكتملة بكافة مستلزماتها ما يكفي الطالب والطالبة من أدوات مدرسية لمدة عام كامل، وكذلك بالنسبة للزي المدرسي حيث روعي في تطبيق وتنفيذ البرنامج حفظ كرامة المستفيدين وذلك بحصولهم على البطاقة الممغنطة والذهاب إلى أحد فروع مكتبة العبيكان أو مصنع نسيج في كافة الفروع المنتشرة فيها مكاتب الضمان الاجتماعي واستلام ما يخصهم من أدوات مدرسية وزي مدرسي, لافتاً أنه بعد دراسة مستفيضة وأخذ آراء معظم المستفيدين الذين كانوا يفضلون تقديم مبالغ نقدية عوضاً عن الحقائب العينية تم تنفيذ البرنامج لهذا العام على شكل مساعدات نقدية لأجل الحقيبة والزي المدرسي بواقع 120 ريالا لكل طالب وطالبة من أبناء أو بنات مستفيدي ومستفيدات الضمان الاجتماعي للفصل الدراسي الواحد حيث بلغ إجمالي المبلغ للفصل الأول"68.286.000"ريال.
وأشار العقلا إلى أن هناك العديد من البرامج المقدمة ومنها دعم صيد الأسماك، وبيع السواك، وبرنامج دعم فواتير الخدمات "الكهرباء والماء" وبرنامج المساعدات لأجل الغذاء، وبرنامج التأمين الصحي، وبرنامج الفرش والتأثيث لمساكن الفقراء، كما انطلقت مؤخراً "قافلة الضمان الاجتماعي المتنقلة" التي دشنها أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بحضور وزير الشؤون الاجتماعية في مكة المكرمة وقد جابت هذه القافلة بمشاركة عدد من الباحثين في وكالة الضمان الاجتماعي ومشاركة باحثين من وكالة الوزارة للرعاية الاجتماعية والأسرة, ووكالة التنمية الاجتماعية محافظة خليص والكامل, وهي الآن بمنطقة نجران تجوب القرى والمراكز هناك من أجل تقديم خدمات الوزارة المتعددة.