في ذات الأسبوع الذي بدأت فيه حملة الجوازات الأخيرة، والتي عملت على ترحيل كل مخالفي نظام الإقامة، وبكل ما أحيط بها من تغطية إعلامية، كانت صالات مطارات المملكة تستقبل مئات بل آلافا من العمالة التي أتت مثل غيرها لتجد لنفسها مكانا للعمل وكسبا العيش.

صعقت ذلك الأسبوع من منظر الصالة الدولية في مطار الرياض الذي ازدحم بأكوام بشرية مخيفة من العمالة في مشهد أثار لدي ألف سؤال وبذات القدر علامات التعجب والاستغراب.

لماذا يتم استقدام كل تلك العمالة والبلاد تعمل جاهدة في حملاتها تلك على إخراج مئات الآلاف من المخالفين لنظام الإقامة؟ أليس كل ذلك الجهد بهدف إتاحة الفرصة للسعوديين لأن يجدوا مكانا للعمل، خصوصا أن تواجد هؤلاء المخالفين يأتي على حساب المواطن السعودي الذي يدفع ضريبة البطالة والعوز؟

نشرت وسائل الإعلام قبل يومين خبرا مفاده أن شركة في مدينة الخبر ستوظّف 5 آلاف عامل هندي بعد التغييرات الجديدة التي أجرتها وزارة العمل في قوانين العمل، وذلك نقلا عن صحيفة "الهند اليوم" التي أشارت إلى أن تلك الشركة ستبذل جهوداً كبيرة لإنهاء إجراءات هؤلاء لتوظيفهم في أعمال مختلفة ما بين فنيين ومديري مشاريع وعمال بناء.

لو كان الأمر يتعلق بالعمالة الرخيصة لقلنا إن السعودي لن يتضرر، وإن التعاقد مفهوم من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الخبر يوضح بجلاء أن الوظائف المستهدفة تتضمن أعمالا يمكن للسعودي أن يشغلها، مع أن السعوديين أحق قبل غيرهم أن يشغلوها.

موضوع التوظيف والاستقدام وإحلال السعوديين هو الهم الرئيس الذي يجب على وزارة العمل والجهات الأخرى ذات العلاقة أن تركز عليه، وهو ما يبدو أنه يحدث إذا ما تابعنا تصريحات المسؤولين، والتي في غالبها تشعرك أن كل شيء على ما يرام، وهو عكس ما تشعر به عندما ترى أو تسمع عن بعض التطبيقات العملية التي تصلنا من هنا وهناك، والتي تقول في مجملها إن الاستثناءات ما زالت سارية، وإن النظام يسري على البعض بينما لا يسري على البعض الآخر.

إن كنا لا نستطيع أن نبني بلادنا إلا بمعونة الأجنبي، فلماذا لا تكون الأولوية هي تعديل أحوال المخالفين وإيقاف الاستقدام؟ ولماذا لا تفعل شركات العمالة بشكل حقيقي بدلا مما يقال عنها، وهو أنها تعيق أكثر من كونها تساعد الاقتصاد الوطني، ولنتوقف عن خلط الأمور وترويجها وكأنها أعمال صممت بهدف السعودة وخلق الوظائف.