ليس هناك ما يبرر سيطرة اللهجة اللبنانية على صوت الإعلان التجاري في التلفزيون سوى أنها لهجة قريبة إلى القلب. شركات التسويق والإعلان من أذكى الشركات في كل بلدان العالم. تتعمق في دراسات نفسية واجتماعية حتى تصل إلى مبتغاها، وأحيانا تمرر ما لا يمكن أن يمرر في صور خاطفة لا ينتبه لها العقل الواعي من شدة سرعتها، لكنها تصل للمتلقي بطريقة ما.
ولذلك وجدت هذه الشركات أن الصوت الأكثر تأثيرا في الإعلان هو الصوت اللبناني، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمرأة، ولا يخفى على الكثير أن نسبة كبيرة من نساء العرب يتحدثن "اللبنانية" بطلاقة، وكما يربط الغرب اللغة الفرنسية بالصوالين ودور الموضة، لا يبدو إلا أن تكون اللهجة اللبنانية كذلك عربيا.
وبعيدا عن سيطرة الإخوة اللبنانيين على سوق الإعلان والعلاقات العامة العربي، فالأمر في النهاية يتماشى مع المقولة العامية "اللي تكسب به العب به"، وكسب اللسان اللبناني الرهان في هذا الجانب، لكنه لم يجد نفسه في الدراما، كما وجده اللسان السوري، الذي التهم الأخضر واليابس في مشاريع الدوبلاج للأعمال التركية التي اكتسحت التلفزيونات العربية في السنوات الأخيرة.
كانت اللهجة المصرية حاضرة في العمل الإعلاني العربي، لكنها توارت قليلا بعد اتساع رقعة محبي اللهجة اللبنانية ذات الموسيقى والدلال، وظلت المصرية تنافس على كعكة الكوميديا والمرح في السوق الإعلانية، لكن هذا النوع من الإعلان قليل وربما مكلف كونه يحتاج إلى وقت أطول وقصة وممثلين. المثير أن اللهجة اللبنانية غزت المصريين في عقر تلفزيوناتهم.
اللهجة الخليجية تكاد تكون غائبة "عربيا" إلا فيما يخص الإعلان عن المنتج المحلي البحت كالثوب أو الشماغ، وحتى اللغة العربية الفصحى لم يعد لها ذلك النصيب الجيد في فاصل إعلاني تلفزيوني مع الحضور الطاغي للهجة العلاقات العامة والصوالين.