في فاصل زمني من شهر واحد، نجح أربعة من شباب الجيل الثالث المهاجر من المسلمين إلى الغرب، مع بالغ شكرنا لهم وثنائنا عليهم، أن يحتجزوا ملايين الأقليات المسلمة في مدن أميركا وبريطانيا تحت الحصار المجتمعي والإعلامي مثلما نجحوا أن يرهنوا هذا الدين العظيم مع ملياريه من الأتباع تحت مقصلة التبرير والبراءة من الفعل. شابان من الشيشان يقتلان طفلاً مع أمه في ماراثون بوسطن، ومثلهما شابان من أصل نيجيري يتمكنان في (غزوة) ناجحة أن يقتلا مجنداً بريطانياً وهو يهم بعبور الشارع اللندني قبل أيام. وكل الأربعة سقطوا مثل الفراش حول النور في قبضة الأمن، وكلهم لا يدركون حجم الرعب الاستثنائي في نفوس ملايين الأقليات في مجتمعات المهجر.
كل هذا باسم الإسلام البريء فكيف تعلم هؤلاء (كتالوج) الكراهية؟ والجواب، أننا جميعاً مشاريع مبرمجة وممنهجة لتأصيل هذه الروح التي تنظر لكل الكون بهذه الأدبيات من الازدراء والمؤامرة. صليت الجمع الأربع في الشهر الأخير، في أربعة جوامع مختلفة، وتحت كل خطيب لم نترك فصيلاً ولا مدرسة ولا مذهباً ولا ديناً ولا أمة أو شعباً إلا ودعونا عليه بالهلاك والفناء دون السؤال المضاد: ما الذي قدمه هذا أو ذاك للمنجز الإنساني وللحضارة الكونية.
وفي الحالات الأربع المريضة في بوسطن أو لندن، هرب الأربعة من الكبت والفقر والجهل والمرض والإذلال في بلدانهم الأصل، إلى العوالم الجديدة من العلم والحرية واحترام حق الإنسان في الحياة. بوسطن هي من أعطى لهذين الشابين بطاقتي أعرق جامعتين، وكلنا يعرف ما هي الشيشان، ولندن هي من أعطت لهذين النيجيريين بطاقتي كرامة إنسانية، وكلنا يعرف ما هي نيجيريا عند المقارنة والمقاربة. نحن من يتآمر على ديننا وعقولنا ومجتمعاتنا بهذه الخطابات المريضة من تشجيع العنف وإذكاء الكراهية. لم يتآمر أحد على الياباني ولا الكوري ولا الصيني أو الهندي أو الماليزي أو التركي أو البرازيلي اللاتيني، وكل هؤلاء شقوا مشاريعهم الاستثنائية المدهشة، ونحن مازلنا نرمي تهم المؤامرة على الشرق والغرب، ونبرمج عقول آلاف الشباب مع كل خطبة بهلاك هذه الأمم...