أولا وقبل النسيان.. لا بد من شكر الله تعالى على نعمة "تويتر" الذي أصبح ـ بالفعل ـ صوتا للمستهلك، ومنبرا لمن لا منبر له.

"تويتر" ليس مجرد موقع تواصل اجتماعي، بل يمثل بالنسبة لنا "حماية مستهلك" نلجأ له من الغش والظلم والاحتيال..إلخ. حتى أصبحت معظم الشركات تهابه أكثر من هيبة وزارة التجارة. إضافة إلى أنه يعد وسيلة إعلامية لا ترضخ لابتزاز وتهديد "كائن من كان".

بالأمس، أبهجني "تويتر" كعادته، بحملة رائعة لمقاطعة شراء الأراضي، لكبح جماح المغالاة بأسعارها، وهي الحملة التي تزامنت مع عدم قدرة معظم المواطنين – وأنا أحدهم – على الشراء، فكان تطبيق المقاطعة بالنسبة لنا كـ"صوم المحتاج". المبهج أكثر، أن الحراك الحكومي الأخير، في هذا الصدد، بدأ يؤتي ثماره بشكل عجيب، إذ بدأت أسعار الأراضي في الانخفاض طرديا مع تناقص الطلب، مما دفع بكثير من "الهوامير" وملاك المخططات إلى التفكير مجددا في التنازل عن الأرباح المضاعفة، قبل أن يصلوا لمرحلة الخسارة. أمامي الآن المؤشر العقاري، والذي سجل في معظم المناطق انخفاضا ملحوظا في عدد الصفقات، وهذا مرده لعدم القدرة الشرائية وكذلك ترقب ما تسفر عنه القرارات الأخيرة.. فمن غير المعقول أن يغامر مواطن في شراء قطعة أرض بمبلغ باهظ في الوقت الذي قد تمنح له مجانا عبر برامج وزارة الإسكان.

في علم الاقتصاد، العرض والطلب يحدد قيمة السلعة، باشتراط وجود المنافسة الكاملة، وبالطبع نحن نفتقد هذه المنافسة بشكلها الكامل، ما يعني أن تأثير المقاطعة قد يتأخر بعض الوقت.

أخيرا.. تأمل القرارات الأخيرة المتعلقة بتوفير الإسكان والأراضي للمواطنين، يؤكد بأن الحراك جاد وسريع لحل هذه الأزمة، وبواكير ذلك بدأت تلوح في الأفق.. أما "الهوامير" الذين تشبعت جيوبهم بالأرباح، مثلما تشبعت قلوبنا بالحسرة، فأقول لهم "حولوا أراضيكم البيضاء لمزارع قمح وخلوها تنبت".