نظام الفصل العنصري لا يفيد، لكن قادة إسرائيل لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا. من المعروف أن إسرائيل مفلسة أخلاقيا، لكن التقارير الاقتصادية الأخيرة تظهر أنها ستصبح أيضا مفلسة اقتصاديا. سيكون ذلك أكثر وضوحا إذا اعترف المجتمع الدولي بعاملين: أولا، أن احتلال أراض فلسطينية –التي هي جزء من الاقتصاد الإسرائيلي، سواء اعترف بذلك بنيامين نتنياهو ومساعدوه الفاشيون أم لا- يستثني أربعة ملايين إنسان لا يتم حسابهم اقتصاديا؛ وثانيا، أن فقر الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل هو أكثر من 50%. الحقيقة أصبحت مكشوفة لمن أرادها.

في 15 مايو، أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريرها الذي يظهر أن إسرائيل فيها أعلى نسبة فقر من بين جميع الدول الـ34 "المتطورة اقتصاديا" التي تذكرها المنظمة. (هآرتز) الإسرائيلية نقلت الخبر بطريقة إنذار لنتنياهو ومؤيديه العنصريين: "إسرائيل أكثر الدول فقرا من بين الـ34 دولة المتقدمة اقتصاديا، حيث بلغت نسبة الفقر 20.9%، بحسب تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يوم الاثنين. الإسرائيليون الفقراء زاد عددهم أكثر من أي دولة أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الأمر الذي يجعلها الدولة الأعلى فقرا، حيث تجاوزت المكسيك التي تبلغ نسبة الفقر فيها 20.4%. وتستمر إسرائيل في كونها إحدى الدول التي فيها أعلى معدل لعدم العدالة في الدخل، حيث يبلغ ترتيبها الخامس، بعد الولايات المتحدة والمكسيك وتشيلي وتركيا".

تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2013 كان التقرير الثاني خلال شهر الذي يسلط الضوء على تنامي الفقر وعدم المساواة في الدخل في إسرائيل. في أوائل أبريل، قال بنك إسرائيل إن معدل الفقر ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 25.9% بين العائلات التي فيها شخص واحد فقط يعمل.

بين جميع هذه النتائج المرعبة التي يحويها تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حقيقة أن واحدا من بين كل ثلاثة أطفال في إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر. ومدير معهد التأمين الوطني، شلومو مور – يوسف صرح لموقع (واي نت) الإخباري بأن ميزانية حكومة نتنياهو الجديدة، والتي تحوي تقليصا حادا للإنفاق في تعويضات الأطفال، سوف تعني أن 40.000 عائلة إسرائيلية إضافية سوف تهبط تحت خط الفقر هذا العام.

لكن الأسوأ من هذا هو أن الصحف والمطبوعات الأميركية اليهودية لا تذكر مطلقا حقيقة أن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل هو أسوأ الأسوأ. الورطة الفلسطينية معروفة ومقبولة في الغرب ولا يهتم أحد عندما يتم تجاهلها. بحسب المؤسسة المدنية "عدالة"، فإن: "53.5% من العائلات العربية التي تعيش في إسرائيل تم تصنيفها على أنها فقيرة في عام 2009، مقارنة مع معدل 20.5% من بين جميع العائلات التي تعيش في إسرائيل. الرقم أعلى بكثير بين العائلات العربية البدوية، حيث تبلغ نسبة الفقر 67.2%".

الأزمة الاقتصادية الصهيونية في إسرائيل ستكون أسوأ لولا عامل آخر يفعل المسؤولون الإسرائيليون ما بوسعهم لإخفائه. على مدى العقد الماضي، غادر حوالي 1.5 مليون يهودي إسرائيلي البلد بشكل نهائي. بحسب عالم سكان إسرائيلي، فإن الحكومة تخفي حقيقة الهجرة الجماعية المعاكسة؛ لكن بيانات أعداد الإسرائيليين الذين يشترون منازل في الخارج ويرسلون أبناءهم إلى جامعات أجنبية ويحولون جميع مقتنياتهم إلى بنوك خارج إسرائيل تقدم ما يكفي من المعلومات لجمع تقدير دقيق إلى حد كبير. في يوليو 2011، نشرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية مقالا بعنوان: "المليون إسرائيلي المفقودون". كاتب المقال يؤكد التقارير التي وصلتني بأن الإسرائيليين الذين يرفضون تصاعد التطرف الإسرائيلي في المجتمع يعيشون في الخارج بأعداد كبيرة، هم لم يغادروا "بشكل نهائي" إسرائيل إلى أستراليا وكندا وأوربا والولايات المتحدة، لكنهم لا يخططون للعودة. حتى إن هناك 100.000 إسرائيلي يحملون الجنسية الألمانية، بالإضافة إلى 500.000 إسرائيلي يحملون جنسيات أميركية.

ربما يكون أكثر ما يزعج إسرائيل حقيقة ما يذكره استطلاع أجري في 2012 من أن "أكثر من ثلث الإسرائيليين سيغادرون البلد لو استطاعوا" لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى. عدد سكان إسرائيل، بحسب التعداد السكاني لعام 2012، هو 7.6 ملايين نسمة، بما في ذلك 1.6 مليون عربي إسرائيلي. كنسبة من إجمالي عدد السكان، يعتبر المليون ونصف يهودي الذين يعيشون في الخارج الآن عددا مذهلا.

وما جعل موقف نتنياهو يزداد سوءا أنه، في الوقت الذي احتل فيه تقرير منظمة التعاون الاقتصادي وبيانات بنك إسرائيل عناوين رئيسية، واجه نتنياهو وزوجته سارة فضيحة أخرى حول إنفاقهما الباذخ في فنادق الدرجة الأولى والطائرات الخاصة التي تحوي غرف نوم مصممة خصيصا، ومطاعم عالمية، وغير ذلك من الإسراف والبذخ، كل ذلك على حساب دافعي الضرائب.

تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول الظلم الاقتصادي في إسرائيل سوف يزيد عزلة إسرائيل في العالم، وربما يقود إلى فشلها في نهاية المطاف. إنها مجرد مسألة وقت.