هنا أسئلة غير جديدة، لكنها مزعجة ومستفزة تعترضني في الشارع وداخل المستشفى والمدارس والإدارات الحكومية وكلما وقفت على البحر أو مررت بجانب حديقة، وكلما شاهدت نشرة أخبار ودخلت مطارا، وركبت قطارا، وكلما راودتني أحلام لما ينبغي أن يكون عليه الوضع هنا أو هناك في قادم الأيام.
تسأل في نفسك، وأحيانا تصرخ لوحدك، وفي مرات كثيرة تلقي بذات السؤال على كل من هم حولك مندهشا مستغربا حائرا منزعجا قائلا: ولماذا حالنا لا يكون كحالهم، لماذا لا نكون مثلهم، وكافة المعطيات والظروف التي لديهم وتحيط بهم متشابهة إن لم تكن متطابقة لوضعنا وحالنا؟
أعلم يقينا أن عددا ليس بقليل منا لا يستسيغ المقارنة، وسبق وأن قلت هنا إن منهج المقارنة المرفوض وغير المرغوب عند البعض ورد في القرآن الكريم تارة من باب التفريق بين الصح والخطأ، وتارة للتحفيز وبيان فضل من يعمل ومن لا يعمل.
لقد بادر بعض أمراء المناطق وبعض المسؤولين بتخصيص جوائز لأفضل جهة تتفوق في الجانب الفلاني وأفضل إدارة تتمكن من تحقيق الجانب العلاني، ورغم قلة مثل هذه المبادرات إلا أنها مبادرات طيبة ومحمودة، ويمكن تصنيفها على أنها محفزة وقد تخلق تنافسا ما.. في جانب ما.
ولكن حتى نتغير ونغير من واقعنا الذي نشكو منه، ليت الجهات المختصة هي من تبادر في خلق مثل هذا التنافس، ولكن ليس بين إدارة وإدارة أخرى أو بين مدرسة وأخرى ولكن لتكن هذه المرة بين المناطق الثلاث عشرة في مملكتنا، فلعل منهج التحفيز يخلق واقعا جديدا ويثير تنافسا خلاقا يصنع فارقا ملموسا في هذه المناطق ينعكس على واقعنا بدءا من الشكل وانتهاء بالمضمون.
نريد منطقة يضرب بها المثل حيال ما حققته من نجاح وتميز في قدرة كافة المواطنين والمقيمن فيها على إنهاء إجراءاتهم من منازلهم دون الحاجة إلى مراجعة الإدارات الحكومية بفضل تطبيقها لما يسمى بالحكومة الإلكترونية.
ونريد منطقة أخرى يضرب بها المثل في نظافة شوارعها، وثالثة في التزام مواطنيها بقوانين السير، ورابعة في جمال شواطئها، وخامسة في جمال ونظافة سيارات الليموزين فيها، وسادسة في مستوى جامعاتها، وسابعة في خلو شوارعها من المطبات والتحويلات والحفريات، وثامنة في جودة مستشفياتها، وتاسعة في قوة الرقابة على مطاعمها ومنشآتها الصحية، وعاشرة في تميز المواقع والبرامج السياحية فيها، وفي نموذجية عمل مجلسها البلدي، والحادية عشرة في قوة وجودة مصانعها، والثانية عشرة في حفاظها على البيئة.
تلك أمثلة عابرة ومن المؤكد أن هناك ما هو أهم مما ذكرت ويتجاوز الشكل إلى المضمون، فهناك جائزة لأفضل بحث وأفضل فكرة، وأفضل إدراي وضابط، ومديرة مدرسة، وأبرز متطوع وما إلى ذلك مما لا يمكن حصره وما يمكن أن يكون أكثر جدوى وأفضل مما ذكرت هنا، وللحديث بقية.