تصر المسنة "أم سعيد" على رفضها الاستجابة لإلحاح أبنائها الذين يرغبون في بقائها في المنزل، والتوقف عن العمل الذي اعتادت القيام به منذ عقود طويلة. ورغم الوعود التي تتلقاها من أولادها بالتكفل بمعيشتها إلا أنها تصر على مواصلة العمل مؤكدة أن عملها يعتبر أملها في الحياة.

"حرفة والدتي وجدتي ورثتها ولن أتخلى عنها".. كانت أولى العبارات التي أطلقتها أم سعيد في بداية حديثها إلى "الوطن" حيث تكلمت باعتزاز وثقة كبيرة متحدية بها عوامل الزمن الصعبة، ورغم بلوغها الـ80 عاما ما زال لديها الكثير من العطاء بالعمل والإنتاج الذي تنثره في مهنة بيع التراث النجراني في ركن صغير بإحدى الحدائق المخصصة لتنزه العائلات في نجران.

وتقول أم سعيد: امتهنت الحرفة من والدتي وقبلها جدتي نظرا لظروف الحياة الصعبة التي أجبرتني على ذلك منذ عدة عقود، ولدي الكثير من الأبناء الذين طلبوا مني أن أترك العمل لأرتاح، لكني لم أستطع تركه، حيث إنه أصبح متنفسا لي.

وتضيف "لدي الكثير من الزبائن الذين كسبت محبتهم وثقتهم، حيث يأتون باستمرار لشراء التراث النجراني مثل الجونة (حافظة التمر) والصحن المصنوع من جريد النخل، والمهجان (السفرة قديما) والمزودة الخاصة للتمر والحليب، فهناك ارتباطات كثيرة تربطني بهذا العمل، إضافة إلى الكثير من الذكريات الجميلة التي يصعب علي تركها".

ومن جهتها أكدت مشرفة الأسر المنتجة، فوزية بالحارث، أن هناك الكثير من الحرفيات المبدعات اللاتي تحدين الظروف ووصلن للقمة.

وأضافت أن الأسر المنتجة التابعة للتنمية الاجتماعية بنجران تستعد لتجهيز الحرفيات من النساء لتقديم أعمالهن ضمن مهرجان الجنادرية من أجل إظهار التراث النجراني بصورة تليق بتراث المنطقة.