على امتداد السنوات الماضية ظل منتدى دبي للإعلام اللحظة السنوية الأبرز التي تعيد قراءة وترتيب أفكار الإعلام العربي واستشراف مستقبله، ظل المنتدى لحظة مهمة في تشكيل واستيعاب وتحفيز خارطة الإعلام العربي، أول منتدى عربي يقدم قراءات دورية كل عام لكل ما يستجد في واقع الإعلام العربي، أول منتدى يواكب التطورات الإقليمية المؤثرة في صناعة أبرز المنتديات التي تقرأ توجهات الإعلام وتحولاته.

هذا العام يمكن القول إن تحولا طرأ على المنتدى وعلى إيقاعه الهادف والمتزن والحيوي جدا الذي اعتدناه كل عام، ظهر ذلك في وجود محاور مكررة وتراجع في مستوى الابتكار الذي اعتدنا عليه في كل عام إضافة إلى ظهور كثير من النمطية في العناوين والقضايا المطروحة، وهو ما لم يعرف به المنتدى طيلة دوراته الإحدى عشرة الماضية.

أسوق هذا الرأي انطلاقا من حديث سمو الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي وراعي المهرجان وهو يتحدث إلى الضيوف حينما قال: "من يمدحني فهو يجاملني وأحب من يقدم النصيحة ويحاول تسليـط الضـوء على خطأ معين حتى نستطيع إصلاحه، ولا أزعل أو أتضايـق من النقد". إضافة إلى هذا الوازع المؤثر، هناك وازع آخر هو أن مختلف الأوساط الإعلامية في السعودية تشعر بانتمائها وحرصها على استمرار المهرجان وتدفق عطائه وترى فيه امتدادا لصناعة واقع ومستقبل إعلامي خليجي وعربي، وترى فيه لحظة خليجية مؤثرة في صناعة الإعلام ترسخ أفكار وقيم التكامل بيننا جميعا.

كل هذا يحفز باتجاه إبداء كل ملاحظة من شأنها أن تمثل تعليقا على أي تغير أو تراجع في مستوى المهرجان.

خذ مثلا محور: الخبر في زمن الطفرة الرقمية، وأضف إليه محور: الانفتاح على العصر الرقمي، وحتى محور: الإعلام الإلكتروني.. سلطة دون مسؤولية، إذ يبدو حجم التكرار في هذه المحاور واسعا ودالا على قضية واحدة يتم تقليبها على أكثر من وجه كلها في النهاية تصب في قضية واحدة، مع ملاحظة أن المنتدى في دورته التاسعة في 2010 تناول محـورا رئيسا عن الصحافة والإعلام في زمن الإعلام الرقمي والأجهزة الرقميـة، إضافة إلى أن هـذا النوع من المقاربات بات مكررا ومألوفا إلى الدرجة التي لو رأيت هذا العنوان في حلقة تلفزيونيـة أو في مقال فلن تبادر لا بالقراءة ولا بالاستماع، فتلك من القضايا التي باتت تعد طرحا تقليديا للغاية علاوة على أنها قراءات استشرافية لمستقبل أصبح واقعا.

ثلاثة محاور يمكن التوقف عندها وقراءة مستوى متميز من الفكرة والرؤية هي: مذبحة الضاد، صناعة الإسلاموفوبيا، والإعلام الساخر.

علما أن جلسة الإعلام الساخر كانت فكرة متميزة لكن تنفيذها لم يكن على الإطلاق بمستوى تلك الفكرة، أول وأبرز العلل في تلك الجلسة الأداء العادي جدا الذي قدمه مدير الحوار طوني خليفة، من الواضح أن الذين اختاروه لذلك لم يفكروا حتى أن يحثوه على الإعداد الجيد للقاء كما فعل بقية من تولوا إدارة الحوارات كتركي الدخيل وزينة يازجي وعبدالله المديفر وغيرهم. بدا طوني خليفة كأنه أفاق من نومه واتجه للقاعة يقرأ ورقة فيها أسماء المتحدثين، يعرف منهم باسم يوسف فقط كما يعرفه بقية المشاهدين بينما يسمي خلف الحربي خالد الحربي، كانت إدارته للجلسة الأكثر جماهيرية هي الأسوأ إعدادا واستيعابا، لم يكن يفرق على الإطلاق بين النقد والسخرية، أدخل الحوار في مقارنات سطحية من قبيل: هل تستطيعون القيام بمثل هذا في الإمارات، ما هي الخطوط الحمراء في السعودية! وغيرها من الأسئلة التي أدت إلى خلط أوراق المحاضرة مع أن التفريق بين النقد والسخرية معلوم للجميع.

تراجع المنتدى كثيرا وهو يفتتح جلسة: أهل الفن في حلبة المنافسة مع الإعلام، هذه وإن كانت ظاهرة إلا أنها ليست قضية، أيضا هنا فرق واسع بين الظواهر والقضايا، لكن على ما يبدو أن المحور كان مفصلا من أجل أن تشارك فيه الفنانة أحلام التي قالت أثناء اللقاء إنها تتحدث إلى (حصيلة المجتمع) تقصد صفوة المجتمع، ولكم أن تتخيلوا كيف يأخذ الحديث عن أسعار فساتين أحلام وخواتمها ومجوهراتها حيزا من النقاش والجدال.. أين؟

على منصة منتدى دبي للإعلام العربي.