يتوقع أن تكون المدارس الأهلية بمختلف مستوياتها رافدا للتعليم العام الحكومي لا بديلا عنه، وهذا يحتم على هذه المدارس أن يكون مستواها متميزا في العديد من الجوانب الفنية والأكاديمية والتقنية، بل يحتم عليها أن تكون أفضل من المدارس الحكومية بكثير، لكي يكون ذلك عامل جذب للمواطنين والمقيمين لإلحاق أبنائهم وبناتهم بها.

المتتبع لواقع أغلب المدارس الأهلية – إن لم يكن جميعها – يجد أنها لا تختلف كثيرا عن المدارس الحكومية إلا من خلال توفير خدمة النقل لمن يرغب في هذه الخدمة وبمقابل. ومع أن هذه المدارس لا تتم الموافقة عليها وحصولها على الترخيص إلا وفق ضوابط وشروط واضحة ومحددة، إلا أن واقع هذه الشروط مكتمل ورقيا لا واقعيا في الميدان، فالمباني المدرسية في معظم المدارس الخاصة عبارة عن مبان سكنية تم تحويلها لفصول دراسية، ولا تتوافر بها أدنى مقومات الفصل الدراسي، كما قد تفتقر لكثير من وسائل السلامة مثل مخارج الطوارئ، ومستلزمات السلامة الأخرى، وإن وجدت فهي غير صالحة للاستخدام، أو لا تعمل.. وهنا أرى أن الدفاع المدني مسؤول عن القيام بزيارات لهذه المدارس ورفع تقارير عنها، وعن صلاحية وسلامة مبانيها، والمطالبة بتأمين وسائل الأمن والسلامة بها خلال فترة زمنية محددة، وتتم متابعة التنفيذ، وفي حالة عدم الاستجابة يتخذ الإجراء المتبع في مثل هذه الحالات.

أما الحديث عن الهيئة التدريسية فقد يطول، حيث إن كثيرا من هذه المدارس تستقطب بعض المقيمين للتدريس فيها، خاصة في التخصصات التي لا يتوافر لها معلمون سعوديون، وقد يكون المستوى العلمي لكثير من هؤلاء المعلمين غير مناسب لتدريس أبنائنا وبناتنا، كما أن بعضهم متخرج منذ زمن بعيد وتأهيله لا يساعده على التدريس في الوقت الحاضر، كما أن كثيرا من المعلمين الوطنيين يعملون في المدارس الأهلية ويعتبرون هذه المرحلة انتقالية، ومرورهم بها للحصول على شهادة خبرة بالدرجة الأولى لتساعدهم على الالتحاق بالتدريس في مراحل التعليم العام. وهنا أرى أن إدارات التربية والتعليم بالمناطق مطالبة بزيارة هذه المدارس والاطلاع على شهادات من يقومون بالتدريس فيها، واستبعاد من لا تنطبق عليه الشروط، ومطالبتهم باجتياز الاختبار المهني للمعلمين، المطلوب من المعلم السعودي قبل التحاقه بالتدريس.

المدارس الأهلية مطالبة بأن تستقطب المتميز من المعلمين السعوديين في كافة التخصصات المختلفة، وأن تعطيهم الرواتب التي حددتها وزارة التربية والتعليم كحد أدنى إن لم تكن هناك زيادات إضافية بهدف الاستقطاب.

وحقيقة الأمر أن المدارس الأهلية رفعت رسوم الدراسة بها بعد صدور القرار بالحد الأدنى لرواتب المعلمين السعوديين بنسب عالية، ولم يصاحب ذلك رفع لرواتب المعلمين، واستقطاب الأفضل منهم، بل جاء هذا القرار مستندا وحجة لملاك المدارس الأهلية لرفع الرسوم بدون تطوير، أو تحسين في الخدمات التعليمية التي تقدمها، وولي الأمر يدفع هذه الرسوم المبالغ فيها من دون تلقي ابنه أو ابنته الخدمة المتميزة التي ينشدها، حتى إن بعض أولياء الأمور ذكر أن دواعي إلحاق أبنائه بالمدارس الأهلية هو توافر وسيلة النقل بصفة مستمرة، أما الخدمات التعليمية فقد تتفوق كثيرا في المدارس الحكومية على بعض المدارس الأهلية.. وهنا أرى أن وزارة التربية والتعليم مطالبة بتوحيد عقود المعلمين، والتأكد من تطبيق شروطها، وأن تعمل على متابعة تقديم هذه المدارس للخدمات التعليمية وفق الشروط والأنظمة المحددة لذلك. والملاحظ أن هناك مدارس أهلية همها الأول والأخير هو الربح، والكسب المادي على حساب نوعية الخدمات التي تقدمها، فهذه الفئة من المدارس تبحث عن أكبر قدر ممكن من الأرباح والمكاسب بأقل تكلفة.. وهنا أرى إيقاف نشاط هذه النوعية من المدارس، لأنها لا تمثل رافدا للتعليم، بل هي عبء عليه، وقد يكون من المناسب تخصيص جوائز تنافسية بين المدارس، وهذه الجوائز قد تعمل على رفع مستويات الجودة في هذه المدارس، سواء على المستوى التعليمي، أو المستوى المؤسساتي، ويتم البدء في هذه الجوائز على مستوى القطاع، ثم على مستوى الإدارة التعليمية، ثم على مستوى المنطقة، ومن ثم على مستوى المملكة، وقد يكون من المناسب أن يتم تحديد تصنيف للمدارس الأهلية بناء على معايير يتم تحديدها، وتصنيفها، وفي ضوء ذلك يتم تحديد الرسوم الدراسية بها. وعندما تصبح عملية التعلم والتعليم تجارية بحتة تفقد المدرسة دورها التربوي والتعليمي، ولا يتم الاهتمام بالمدخلات والمخرجات في هذه المدارس، ويكون التركيز منصبا على الربح السريع من وراء تقديم خدمات تعليمية تفتقر لأبسط معايير الجودة، والإتقان.