في منتدى الإعلام العربي الذي أقيمت فعالياته في دبي الأسبوع الماضي تحدث الإعلامي المثير للجدل باسم يوسف عن السخرية كوسيلة للتأثير السياسي في الجلسة التي حملت عنوان "الإعلام الساخر: هل تتسع له صدور العرب"؟ والتي بينت بشكل لم يكن خافيا على الحضور أنها ربما لا تتسع له، خصوصا مع التصيد المتبادل بينه وبين مدير الجلسة طوني خليفة، والذي تجلى في الردود المتبادلة والتهكم الذي ربما كان يخفي ما يخفيه من منافسة أو ربما هي مجرد اصطياد متبادل.

المهم في تلك الجلسة والتي امتلأت بها قاعة المؤتمر وشهدت تواجد أعداد كبيرة حضرت كما يبدو لمتابعة النجم الجديد والكوميدي السياسي الذي أنتجته الثورة المصرية، والذي تحول لبطل إعلامي قومي فاق تأثيره إعلاما رسميا عاش ويعيش على نمط الجدية في المعالجة والرسمية في الطرح؛ أقول كان المهم فيها أنها تناولت موضوعا هو غاية في الأهمية ومحرما طالما بقي كذلك، خصوصا أن السخرية بمفهومها الشعبي بقيت لعقود تجاوزا غير أخلاقي، وتصرفا طالما رفضه المجتمع في العلن، بينما كان دائما وسيلة لجلد الذات والضحك على مظاهر الفشل التي نعيشها وتعيشها المجتمعات النامية.

هناك من فضل أن يتعامل مع الموضوع بسطحية، ويعتبر أن السخرية السياسية والاجتماعية هي تجاوز على الأخلاق كما روج له لعقود في، حين وجده البعض تعبيرا حضاريا عن الألم والنقد، ووسيلة موثرة في قول الحقيقة بطريقة قادرة على التأثير وتغيير الواقع.

لدينا في السعودية القدر الكافي من السخريات الإعلامية التي وجدت متنفسا لها عبر موقع التواصل الاجتماعي (يوتيوب) فظهر "ايش اللي" وغيره من البرامج التي تمكنت من تسليط الضوء على العيوب التي تنخر مجتمعنا والذي توهمنا أنه مثالي، وللأسف ما زال البعض يظنه كذلك.

كلما زاد مستوى السخرية من الواقع دلل ذلك على أن هناك مشاكل متعددة يجب أن تعالج، ومقولة (المضحك المبكي) لم تقل عبثا، بل هي تعبير دقيق على أن التهكم بالواقع المعاش، هي تعبير صادق على الحزن الحقيقي الذي يعيشه كل إنسان حيال تلك الممارسة الخاطئة والصفة السيئة.

لن يجادل أحد لو قلنا إننا أصبحنا أكثر سخرية حيال مجتمعنا، وعليه فالقول إننا يجب أن نبدأ في التفكير بمعالجة الأمور التي نضحك عليها بدلا من الاستمرار بالضحك هو كذلك قول سيفهمه العاقلون وسيؤدونه، لأن الأمور إن تجاوزت الضحك دون زوال أسباب الضحك فقد تتحول لحالة من الغضب الذي ينتجه الحزن.. وعندها ربما لن تجد أحدا يبتسم.