يكاد لا يخلو عدد من الصحف المحلية يوميا من خبر يشير إلى أن هيئة مكافحة الفساد ضبطت فسادا هنا أو هناك، حتى بات نشر مثل هذه الأخبار غير مثير وغير لافت للمواطنين ولن أضيف جديدا إذا ما ذكرت الأسباب التي أفضت إلى عدم اهتمام الناس بأخبار من هذا النمط حيث سبق وأن كتبت وغيري الكثير عنها، ولست أدري ما إذا الـ(هيئة) مهتمة بمعالجة هذا الانطباع السيئ الذي بدأ يترسخ في أذهان المواطنين عنها؟.
يهمني هنا اقتراح طرحه صديق مخضرم في العمل الحكومي ومطلع بشكل جيد على ما يتعلق بالعقود الحكومية ونظام المشتريات ولديه إلمام كبير بآلية العمل المتبعة لدى وزارة المالية في هذا الخصوص.
هذا الصديق يقول إن واحدا من أفضل السبل للقضاء على الفساد هو سد الثغرات الموجودة في الكثير من القوانين والأنظمة المتبعة في العقود الحكومية الخاصة بالمشاريع، وأنه ينبغي إعادة صياغة هذه القوانين والأنظمة وتطويرها بما يراعي كل المتغيرات التي طرأت في العقدين أو الثلاثة الأخيرة ويأخذ في الحسبان تلك الثغرات التي من خلالها ينفذ الفاسدون والمرتشون ولصوص المال العام.
صديقي يقترح استعانة الـ(هيئة) بمن عملوا في الدولة في الإدارات والأقسام المعنية بما يتعلق بالعقود والمناقصات والأنظمة المالية فهؤلاء وفق رأي صاحبي يعرفون كل التفاصيل المتعلقة بتلك الثغرات ويعرفون كل الحيل التي يمكن من خلالها تجاوز الأنظمة والقوانين ومن ثم هم يساعدون الهيئة في كشفها من جانب كما يساعدون الدولة في القضاء على جوانب الخلل والقصور ذات العلاقة بتلك الأنظمة والقوانين عند إعادة كتابة هذه الأنظمة.
وأظن أن اقتراحا مثل هذا ينبغي الاهتمام به والأخذ به وليس بالضرورة أن تكون الاستعانة بمثل هؤلاء المخضرمين بعد التقاعد، بل ينبغي الاستعانة بمن هم على رأس العمل عبر نقل وظائفهم لمصلحة هيئة مكافحة الفساد.
فمن المؤكد أن حرص الـ(هيئة) على حل المشاكل من جذورها أفضل بكثير من إضاعة الوقت على صور متشابهة ومتكررة من الفساد التي كما أسلفت لم يعد الإعلان عنها ذا قيمة، فالناس تريد إما مقاضاة المفسدين ومعاقبتهم ليكونوا عبرة للآخرين وبالتالي يتقلص الفساد أو أنهم يريدون نظاما يحد من هذا الفساد أو يقضي عليه بشكل شبه تام.
وما لم تتحرك الـ(هيئة) في هذا الجانب فلن يكون لها أثر واضح في منع الفساد والاعتداء على المال العام.