نشرت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بيانات جديدة عن تحركات مؤشرات البطالة لعام 2012، وهي تحوي تطورات إيجابية وأخرى غير ذلك.

وترصد هذه المؤشرات تطور معدلات البطالة بين الربع الأول والربع الأخير من عام 2012، للسعوديين وغير السعوديين، وللذكور والإناث، وتُظهر تباينا كبيرا في معدلات البطالة بين السعوديين وغير السعوديين من جهة، وبين السعوديين والسعوديات من جهة أخرى، حيث انخفض معدل بطالة السعوديين قليلا، في حين ارتفع معدل بطالة السعوديات. أما بالنسبة للأجانب، فقد انخفضت معدلات بطالتهم بصفة كبيرة خلال عام 2012.

ولننظر إلى معدلات البطالة بشيء من التفصيل لكل من المجموعات الأربع:

فالبنسبة للسعوديين الذكور، انخفض معدل البطالة من 6.9% في الربع الأول من 2012 إلى 6% في الربع الأخير، أي انخفاض بمعدل 13% خلال العام، وهو تطور إيجابي، حيث أوقف لأول مرة الصعود المستمر في معدل البطالة بين السعوديين الذكور منذ عام 1999.

أما بين غير السعوديين، ذكورا وإناثا، فقد انخفض معدل البطالة بينهم كذلك بنسبة82% خلال عام 2012. ففي الربع الأول كان معدل البطالة بين غير السعوديين نحو (4.5) بالألف، وانخفض إلى أقل من واحد بالألف في الربع الأخير من عام 2012. وبعبارة أخرى، تم القضاء تقريبا على البطالة بين غير السعوديين خلال عام 2012، حسب بيانات المصلحة.

أما بين النساء السعوديات، فلم تكن ثمة أي أخبار إيجابية. حيث استمر معدل بطالتهن في الارتفاع، وسجل المعدل نسبة 34% في الربع الأول، مرتفعا إلى نسبة 36% في الربع الأخير من عام 2012.

وكما هو معروف فإن معدل البطالة بين السعوديات في ارتفاع مستمر منذ بدأ نشر إحصاءات البطالة في عام 1999. ففي ذلك العام بلغ معدل بطالة السعوديات 16%، واستمر ذلك المعدل في الارتفاع إلى أن بلغ 36% في الوقت الحاضر.

وفي الدول الأخرى ترتبط معدلات البطالة المرتفعة مع فترات الركود الاقتصادي، فمع نمو الاقتصاد عادة ما تنخفض معدلات البطالة لجميع فئات المجتمع، بصرف النظر عن الجنس أو الظرف الاجتماعي.

ولكن هذا لم يحدث لدينا، حيث الاقتصاد في نمو متسارع وهناك وفرة في الوظائف التي يفرزها هذا النمو الاقتصادي، ولكن معدل بطالة المواطنين في ارتفاع، خاصة بين النساء اللاتي تضاعفت معدلات البطالة بينهن خلال العقد الماضي. ففي عام 1999، حين بدأ رصد معدلات البطالة، كان حجم الاقتصاد السعودي 143 مليار دولار، في حين كان معدل بطالة النساء 16%.

وبنهاية عام 2012، بلغ حجم الاقتصاد السعودي 727 مليار دولار، أو خمسة أضعاف ما كان عليه في عام 1999. وكان المفروض أن يؤدي ذلك إلى تخفيض مستوى البطالة، أو حتى القضاء عليها كلية، ولكن ذلك لم يحدث، بل ارتفع معدل بطالة المرأة السعودية إلى 36% في الربع الأخير من عام 2012، كما أسلفت.

ويرى كثير من الباحثين أن معدل البطالة بين السعوديات أعلى في الحقيقة من المعدل المشار إليه، على ارتفاعه. ذلك أن معدل البطالة الذي تنشره مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات يعتمد تعريفا ضيقا محددا للبطالة، فهو يأخذ بعين الاعتبار فقط النساء اللائي لا يعملن، واللاتي يبحثن عن العمل بجدية خلال الشهر السابق لإجراء المسح الإحصائي. ولهذا فلا يدخل في عداد العاطلات عن العمل المرأة التي لا تبحث عن عمل، مثل ربات البيوت والطالبات والمتقاعدات.

فلا يدخل في عداد العاطلات عن العمل المرأة التي لا تبحث عن العمل لأنها أحبطت وتوقفت عن البحث، أو لم تكن لديها الإمكانات للبحث عن العمل بجدية خلال الفترة السابقة لإجراء المسح الإحصائي.

ولذلك فإن بيانات البطالة لا تشمل النساء اللاتي يكتفين بتسجيل أسمائهن والانتظار إلى أن يتم الإعلان عن وظائف شاغرة.

ومع أن معدلات البطالة بين النساء السعوديات عالية، وهي في ارتفاع مستمر منذ عام 1999، إلا أن بيانات المصلحة تشير مع ذلك إلى تحسن طفيف في أعداد النساء اللاتي يعملن بالفعل. ففي عام 1999 لم يتجاوز عدد النساء اللاتي يعملن في وظائف خارج المنزل 347 ألفا، ولكن عددهن بلغ 604 آلاف امرأة في عام 2011. وفي عام 2012 انضم إلى صفوفهن نحو 43 ألفا، حيث بلغ عدد المشتغلات 647 ألفا في الربع الأخير من عام 2012.

ومع ذلك فإن أعداد النساء السعوديات المشتغلات ما زالت منخفضة بالمعدلات الدولية، حيث لا تتجاوز نسبة المشتغلات 10% من إجمالي عدد السعوديات في سن العمل، في حين أن المعدل في الدول الصناعية يبلغ نحو 57 %، أو أكثر من خمسة أضعاف نسبة المشتغلات في السعودية.

والحقيقة أن المملكة العربية السعودية قد قطعت أشواطا كبيرة في تعليم المرأة، ولكن هذا التعليم لم ينتج عنه تمكينها من الحصول على العمل في المجالات التي درستها وتدربت فيها. ففي خلال جيل واحد أو جيلين، تمكنت المرأة السعودية من الانتقال من مرحلة كانت فيها معدلات الأمية النسائية من أعلى المعدلات في العالم، إلى مرحلة أصبحت فيها من أكثر نساء العالم تأهيلا وقدرة وتعليما جامعيا، بل إن أعداد طالبات الجامعات السعودية اليوم أصبحت تفوق أعداد الطلاب من الذكور.

ولكن هذا الإنجاز التعليمي لم يُترجم إلى فرص وظيفية كافية للمرأة السعودية. فحسب بيانات مصلحة الإحصاءات، فإن نحو 80% من النساء السعوديات الباحثات عن عمل يحملن شهادات جامعية، وهذا تحد كبير تتعين مواجهته في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وحاجة الأسر إلى مساهمة جميع أفرادها في تحمل تلك التكاليف. وأصبحت قدرة الشباب والشابات على الزواج وتحمل تكاليف الأسرة وتوفير مستوى مقبول من العيش الكريم مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدى توفر العمل المجزي للزوج والزوجة، مما أدى إلى تأخير مستمر في سن الزواج واستمرار الاعتماد على أسرهم في توفير متطلبات الحياة.