يعيش أقدم "حيين" في العاصمة الرياض "العود" و"الحلة" معاناة متواصلة مع مخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وذلك بعد أن تحول عدد من المنازل المنزوعة ملكيتها لمأوى لاحتضانهم، فيما بات هؤلاء مصدر قلق لسكان الحي الأصليين والذين يعاني بعضهم حالة من العوز تضطره في كثير من الأحيان إلى تلقي هبات المحسنين.

"أم إبراهيم"، أمرأة مسنة ترابط في خيمة صغيرة شيدتها في حي "الحلّة" لتجمع فيها حصيلتها اليوميّة من الصدقات والهبات التي تجود بها نفوس مرتادي هذا الحي القديم الذي يقع بجوار مقبرة "العود" وسط الرياض، هذه "الخيمة" تعمدت المسنّة تشييدها في أرض ضيقة على شارع رئيسي كي يشاهدها فاعلو الخير، بعد مضايقة الأجانب لها وتسابقهم على ما يرد لهذا الحي من مساعدات، وفي نهاية اليوم تصطحب ما جمعته من خبز أو تمر أو ملابس.

"الوطن" خلال زيارتها رصدت العديد من الأسر ومنهم "أم إبراهيم" والتي ترمّلت ولا تزال تعول أسرة وتعاني العوز وتعيش في منزل طينيّ في أقصى الحي وسط أزقة ضيقة لا يصلها المحسنون، فقررت تشييد الخيمة في هذا الموقع كي تكون مقرا لاستقبال الصدقات التي يقدمها أهل الخير، متمنيّة من الجهات المسؤولة أن تنتشلها والعديد من الأسر المعسرة التي أجبرتهم الظروف على العيش في مواقع لا تصلح للسكن ويعانون الخوف والرعب من منازلهم المتهالكة والعمالة ومخالفي نظام الإقامة الذين يتخذون من الحي مأوى لهم.

ولم يكن العوز هو المعاناة الوحيدة للسكان، بل تعداه إلى العيش في البيوت المتهالكة بين عصابات المتسولين الأجانب الذين يؤكد السكان أنهم يظهرون أول النهار ويغادرون آخره ويسيطرون على مداخل ومخارج الحي ويحصلون على الكثير من هبات المحسنين قبل وصولها للمواطنين المحتاجين، في حين تحوّلت المنازل والعقارات المنزوعة ملكيتها إلى مأوى للمتخلفين عن نظام الإقامة وقد يستغلها المجرمون للتغطية على جرائمهم، وخاصة أن الكثير منها دون أبواب ودون نوافذ ويسهل الدخول إليها رغم الجهود الأمنية التي تنفّذ في الحي.

وأشارت مسنة أخرى إلى أن لديها ابنين لم يجدا وظيفة، ورغم أنها تحصل على ضمان اجتماعي إلا أنه مبلغ ضئيل لا يسد حاجياتهم، مطالبة المسؤولين بزيارة الحي بأنفسهم والوقوف على أوضاع المواطنين وانتشالهم من الأوضاع المعيشيّة الصعبة التي يعانونها، خاصة في حيي "العود" و"الحلّة" وغالبية المواقع المحيطة بحي البطحاء.

أما المواطن راشد الدوسري الذي أخذ "الوطن" في جولة ميدانيّة وسط حي العود، فأكد أنه بعد نزع ملكيات العديد من العقارات غادرها أصحابها بعد تعويضهم وبقيت المنازل منزوعة الأبواب والنوافذ ومفتوحة للمخالفين لنظام الإقامة وللمجرمين الذين ربما يستغلونها في تنفيذ جرائمهم، مشيرا إلى أن هناك دوريات أمنية تجوب الحي إلا أنه يجب الإسراع في القضاء على هذه الإشكالية بشكل جذري عبر هدم تلك المنازل وإقامة المشاريع في مواقعها، إضافة لطرد المتسولين الذين غالبيتهم من جنسيات أفريقيّة يسيطرون على الحي بشكل لافت ويسببون قلقا بالغا لساكنيه عبر جرائم السرقات وضرب المسنين والاستيلاء على الصدقات التي تصل إليهم.