منذ طفولتنا ونحن نسمع كلمة (الأدب قبل العلم) تربينا عليها وأنهكنا والدينا لكي نحقق مبتغاهم فيها. ودار الزمن واتخذت الحياة منحنى آخر وأصبحنا نرى الإفلاس التام في قضايا الأدب، فتجد المعلم يحتاج للتأديب قبل الطالب. وتجد الدكتور يتفاخر بوهم شهاداته متغطرسا على الجميع متناسيا أن تلك الأوراق المتطايرة لا تساوي شيئا أمام جمال الجوهر وأناقة المخبر. وفي عالم المثقفين ترى أمامك غربة واضحة لأدب الثقافة، فتجدهم يتسابقون على تفاخر زائف بما لا يملكون، ويتفوهون بما لا يعون، وفي عمق ذلك ضاع أدب الحوار، وغابت بساطة العلم وبهاء المعرفة.

هل أصبح بين الإنسان والغطرسة، أن ينال شهادات، وأن يضع كتابا واهما للناس فوق رفوف مغبرة، لكي ينتقل للعيش في برجه العاجي, وبوتقته التي لا يرى فيها الناس, وفي المقابل لا يراه هم أيضا. الخلق قبل كل شيء والمعاملة الحسنة هي أساسه، تلك مبادئ أقرها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال (الدين المعاملة)، فإذا لم تكن معاملتك حسنة وخلقك راقيا فلا ثقافة تفيدك ولا علم يزيدك. وأيضا التكبر على الناس يمنعك من إفادتهم والاستفادة منهم, ويجعلك تعيش في وهم النرجسية التي ستتزايد فيك حتى توصلك إلى أردى الخطايا وهي الكبر، وبالتالي ستكون كالذي فوق الجبل يرى الناس صغارا وهم أيضاً يرونه صغيرا، وستغيب حينها الفائدة المنشودة!

حكمة المقال: تحدُثك الدائم عن نفسك دليل على أنك لست واثقاً منها.