يطل حسن نصر الله عبر قفص تلفزيوني منتهزا مناسباته العابرة، محركا ماكينته اللفظية لجمهور الضاحية الجنوبية، مناصرا حليفه اللائذ بخندق أسمنتي ما على الأرض السورية التي تعبرها الصواريخ والقذائف كأسراب دخانية مشيعة الموت والجثث، محاضرا في الاستراتيجية لتبرير حفلة الدم التي يخوضها مقاتلوه العائدون في توابيتهم الصفراء بشكل يومي لقرى النبطية وما حولها.

إنها المقاومة الممانعاتية التي توهمت التاريخ وخلطته بأنهار الدمع المراقة خلف رايات ثأر الحسين، "خط ماجينو" الطائفي الذي كشفته ثورة سورية مطيشة العمامة السوداء من الرأس الذي استحال قنبلة تحليلات ومضخة تبرير مقيتة، تعيد إنتاج فلسطين والأقصى شعارات في زمن عري الشعارات، ولافتات حزبية صوتية بحثا عن نافذ لمأزق دولة "حزب الله" التي تحاول تصدير أزمتها بالتمدد على الجغرافيا السورية بعد أن التهمت لبنان مؤسسات ونخبا وتعايشا ودعة تحت دعاوى مختلفة.

يظهر حسن "نصر الشاشة" في حلقة جديدة من مسلسله الطويل "أنت أو لا أحد"، "باب حارة حريك" الموصد بجماجم أبناء حمص وريفها المعاقبين على نخوتهم أثناء حرب صيف 2006، مبشرا بأسلحة نوعية يزودها به جيش "حماة الديار" السوري الذي لا يجيد سوى هدم القرى فوق سكانها العزل، وتوزيع المجازر بالتساوي على الناس.. نظام يستجدي الطائفة، وجيش يستعير حزبا، ورئيس يلوذ بمعمم في المأساة الشامية بلياليها الطويلة نحو الحرية.

ووسط ذلك يشق "زعيم النصر اللاهي" بغبار الحكايات القديمة ودفاتر الأزمنة ملعلعا متوترا مهددا محاولا مد حبل لإنقاذ رقبة رئيس "الصمود والتصدي" الطويلة التي تتحس أوداجها كل لحظة رعبا، وحتى لحظة الحقيقة التي لن تطول سيظهر حسن نصر الله مشتملا عباءة المقاومة الفضفاضة التي ظن يوما أنها قادرة على خداع الجماهير وفي كل مناسبة من مناسباته، ليكرر ذات التفاصيل المملة ومن ذات القفص التلفزيوني لنفس مقلدي جمهورية "الولي الفقيه" اللبنانية، لكن حينها ستكون الأمور تغيرت، سيصبح نظام حليفه السياسي الطائفي حكاية ترويها الجدات وتفصيلا جزئيا في سجل السوريين شعبا وحضارة.