"لا" لبطاقات الائتمان.. "نعم" للسيارات والعقار.

هذا ما يمكن استنتاجه بعد النظر في بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي للربع الثاني، والتي أظهرت بوضوح أن السعوديين فقدوا شهيتهم لبطاقات الائتمان في الوقت الذي مازالت شهيتهم مفتوحة على الحصول على قروض لشراء السيارات والعقارات.

وسبب فقدان الشهية لبطاقات الائتمان (فيزا وماستركارد وخلافها) معروف وواضح، فكل الذين "تدبسوا" في بطاقة ائتمانية لم يتمكنوا من الانتهاء من تسديد القروض عليها إلا بعد شق الأنفس، ولهذا لا أحد يريد إعادة المأساة مجدداً.

السعوديون أخذوا قروضا استهلاكية من البنوك بأكثر من 195 مليار ريال حتى نهاية شهر يونيو الماضي، وإذا أخذنا بآخر إحصائية للسكان فإن هناك 18 مليون مواطن ومواطنة، وهذا معناه أن كل مواطن اقترض 10,800 ريال في النصف الأول من العام.

طبعاً الرقم أعلى من هذا بكثير، لأن عدد المقترضين أقل بكثير من كل السكان، ولكن هذه فقط طريقة لإيضاح أن المواطنين يقترضون بشراهة في المملكة.

المواطن السعودي "أبو قروض" يحب السيارات ويحب شراء العقار، ولكنه يحب اقتراض المال للإنفاق على أمور أخرى مثل الزواج والسفر وشراء الأجهزة المنزلية والسلع الكمالية.

كيف عرفت هذا؟ الإحصائية واضحة، لأنه من بين إجمالي القروض الاستهلاكية الـ(195 مليارا) ذهب 40.7 مليارا على السيارات والمعدات، و21 مليارا لشراء العقار، فيما ذهب الباقي (133.3 مليارا) تحت بند آخر، وهو كل شيء ما عدا العقار والسيارات.

المواطن السعودي بنوعيه "أبو قروض" و "بدون قروض" يعيش تحت ضغط شديد، لأن التزاماتنا وطموحاتنا وحبنا للإنفاق والاستهلاك أكبر بكثير من إمكاناتنا المادية.

قد لا تحب البنوك ما أقوله، ولكن الذي يرى هذه الإحصائيات لا بد أن يقول إن هناك خللاً، لأن التجار لن يخفضوا أسعار السيارات، وأصحاب العقار لن يخفضوا ريالاً واحداً طالما أن البنوك لا تتوقف عن الإقراض.

لا يمكن للمواطن من نوع "بدون قروض" الحصول على سيارة أو على "حتة أرض" تقع في "مقطعة" هذه الأيام إلا إذا اقترض.

وإذا استمرت دورة الإقراض كما هي عليه فستبقى الأسعار كما هي عليه، وبذلك سنصل في يوم من الأيام إلى أن نكون كلنا مديونين للبنوك المحلية.

إن أكبر أزمة مالية مر فيها العالم منذ الحرب العالمية الثانية كان الأساس فيها أزمة الرهن العقاري الناتجة عن القروض العقارية التي لم يتمكن أحد من تحصيلها.

هناك بالتأكيد ضمانات عديدة لدى البنوك لعملائها الذين قدمت لهم قروضا، ولهذا أزمة مشابهة قد لا تحدث في المملكة، ولكن حتماً هناك مشكلة عندما لا يستطيع المواطن أن يبني منزل أحلامه إلا إذا اقترض أو رهن بيته للبنك، وهذا ما حدث في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم.