في تجمع حواري قصير جمع أحد المتابعين لما يطرح في وسائل الإعلام المحلية والعربية حول مختلف القضايا الفكرية، وعدد من الكتاب الصحفيين والأكاديميين السعوديين، كسر هذا الشخص حاجز الرتابة والأحاديث الودية الهادئة، بسؤال مباشر، هو: "كيف يستطيع المثقف أو الأكاديمي أو الداعية الجمع بين سلوكه الشخصي الذي قد لا يكون جيدا في بعض الجوانب في نظر فئات من المجتمع؛ مع ما ينادي به من شعارات ومثاليات اجتماعية وفكرية في أعمال أدبية أو مقالات أو حوارات؟

وكنتيجة لهذا السؤال دار نقاش اشترك فيه معظم الحاضرين، فالبعض حاول أن يفصل مسألة "السلوك الشخصي" من حيث هل هذا السلوك سيؤثر على المحيط العام أم أنه متعلق بصاحبه فقط؟ وآخرون تحدثوا عن تعدد الآراء حول سلبية أو إيجابية هذا السلوك، فما يراه بعض فئات المجتمع سلوكا خاطئا وغير سوي، يراه آخرون عاديا جدا، وليس فيه ما يمكن الحذر منه.

طبعا هذه القضية ليست وليدة اليوم، فهي تثار بين حين وآخر خصوصا حينما يتناول الإعلام شخصية مثيرة للجدل، ويكشف أبعادا أخرى لها غير الأبعاد والمواقف الظاهرة للعامة. لكن المهم هنا هو: من يستطيع تحديد نسبة معينة تقيس مدى ازدواجية الشخصية وتناقضها لدى المثقفين والمشاهير من دعاة وفنانين ورياضين؟ .. بمعنى، هل هي ظاهرة أم أنها حالات فردية جدا؟

لا شك أن من أكثر عقد الثقافة والسلوك الاجتماعي في المجتمعات العربية، هي "الفكرة الانطباعية" التي تسري في الأذهان بسبب حدث فردي أو حالات نادرة تصبح أمرا مسلما به، وتعمم على الجميع. بل إن الأدهى من ذلك أن معظم هذه الأفكار "الانطباعية" تأتي بناء على رأي أطلقه أحدهم على فئة أخرى لا تتفق معه في الفكر، أو من مبدأ تصفية حسابات شخصية، وهذا يشير إلى خلل عميق في ثقافة المجتمع، لم يستطع لا التعليم ولا تقنيات العصر وانفتاح الجميع على ثقافات العالم، إصلاحه.

وعلى الرغم مما سبق لا يمكن إنكار أن هناك نماذج من المشاهير، تدوس في سلوكياتها العامة والخاصة على القيم الأخلاقية، وتمارس أدوارا غير سوية، وقد يستطيع الإعلام التقليدي أو الجديد كشفها على الملأ بكل سهولة.. لكن المشكلة التي يُخشى منها، هي أن نعود للمربع الأول، وهو مربع "الانطباعية" وبالتالي، يُظلم آخرون، وهم أصحاب المبادئ النقية والخلق القويم.