حذر الاستشاري النفسي والأسري رئيس اللجنة النفسية بالغرفة التجارية بجدة الدكتور مسفر محمد المليص من تنامي ظاهرة العنف الأسري في المجتمع السعودي واستخدام العنف المبرح ضد الأطفال.
وقال المليص في تصريح خاص لـ"الوطن": ظهرت أخيرا أكثر من قصة عنف وشوهد في مجتمعنا أكثر من حالة لأطفال معذبين تعرضوا لأقسى أنواع العنف من ضرب وحرق وجلد وكدمات أو كسور في عظام، وتشويه حتى آل ببعضهم المآل إلى المقبرة، بينما بقي أطفال آخرون يواجهون مصيرهم من العاهات الجسدية والأمراض النفسية.
وبلغ عدد الحالات التي تعرضت للعنف بين 2009 و2010 حسب الإدارة العامة للحماية الاجتماعية 1115 ضحية منها 104 من الذكور و979 من الإناث و32 ذكورا وإناثا في نفس الواقعة. وصنف المعتدون في تلك القضايا حسب الجنس المعتدي وعددهم 1116 معتديا منهم 1027 من الذكور، و75 من الإناث و14 ذكورا وإناثا.
وأشار إلى أن مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي طور السجل الإلكتروني الذي يتم من خلاله إدخال البيانات الديموغرافية والتداخلات التشخيصية والعلاجية والإحالات من مراكز حماية الطفل الطرفية مباشرة عبر الإنترنت عند رصد حالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال وتحديثها تباعا.
وبين أن هناك دراسات بالجامعات حبيسة الأدراج عن العنف ومن خلال المتابعة والرصد والعينات التي نحصل عليها كمهتمين في مجال العنف ضد أسرة الطفل نقدر النسبة التي أصبحت مخيفة.
وذكر أن الإيذاء البدني يعد النوع الأول من العنف وذلك من خلال إحصائية بمستشفى الحرس الوطني تقول إن 65% من حالات الإيذاء التي تصل إليها إيذاء بدني نتيجة الجلد أو كدمات أو حروق أو كسور في عظام الجسم وأحيانا يعاني الضحية من ضربات داخلية في الأعضاء الداخلية في البطن أو في العين و50% من الأطفال الذين يصلون إلى المستشفى أقل من سنتين والصغار هم الأكثر عرضة للعنف والإيذاء الجسدي.
وبين المليص أن علاج الإيذاء الجسدي يبدأ أولا بالطوارئ بالنسبة للحالات التي تصل إلى المستشفيات ثم بعد ذلك العلاج المستمر سواء كان علاجا طبيا أو جراحيا. والعلاج الطبي هو أول خطوة نجريها للأطفال الذين تعرضوا للعنف، ثم التدخل الجراحي.
ولكن يبقى العلاج النفسي مهما، مضيفا أن كثيرا من الحالات تتعرض للعنف ويتم التستر عليها، وتظل هي النسبة الأكبر من حالات العنف بسبب العادات والتقاليد والتي تصل إلى المستشفيات يتم التستر على النصف منها مخافة العار والفضيحة وما يعلن ما هو إلا الجزء البسيط منها.
ويعتبر الحديث عن حالات العنف نوعا من كشف خصوصيات وأسرار الأسرة، وهذا معتقد خاطئ ونتمنى أن نغير هذه المفاهيم. وأكد على أن معظم الإحصاءات الصادرة عن الصحة والأمن والجمعيات الأسرية والحقوقية تشير إلى تنامي حالات العنف الأسري في المجتمع، مبينا أن الجدل الحاصل هو هل أصبحت حالات العنف الأسري ظاهرة أم لا؟ ولكن هذا الجدل لا يمنع اتفاق الجميع على أن المسـألة في تنامٍ وبحاجة إلى حزمة مـن الإجراءات، حيث ينبغي أن تسن الأنظمة والقوانين التي تجرّم الاعتداء على الأطفال والنساء بمختلف صوره، وكذلك القيام بحملة وطنية للتوعية بمخاطر العنف الأسري، واستحداث وزارة باسم الأسرة تتبنى هذا الأمر. وقال المليص: إن الإحصاءات الصادرة تشير إلى خطورة الوضع وتفشيه في المجتمع، مما يستوجب السؤال عن دور المؤسـسات الحكومية والمدنية والحقوقية في الحدّ من انتشار وتفشي هذه الحالة الخطيرة.
وذكر أن سلطة الأب تعد مصدر عنف في المجتمعات الذكورية حيث لا سلطة على سلطته فهو من يملك جميع السلطات وتستمر هذه السلسلة من الأب للابن ثم الحفيد، ولا بد أن توضع قوانين معالجة ورادعة للعنف إلى الأبد.
وقال: كثيرا ما يبحث مجتمعنا عن أسباب مبسطة للعنف ومنها انهيار قيم الأسرة وإهمال الأطفال وابتزازهم، ولكن المجتمع السعودي هو أكثر المجتمعات العربية التي تشهد تفاقما للظاهرة لأسباب اجتماعية وعادات وتقاليد خاطئة أدت لارتفاع نسبة العنف في المملكة، مشيرا إلى أنه وفقا لإحصائيات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من 2004 وحتى 2008، بلغت حالات العنف الأسري 1284 حالة، من بينها حالات عنف ضد الأطفال، كما بلغ عدد حالات العنف التي استقبلتها الجمعية من 2009 وحتى 2010، 154 حالة، مشيرة إلى أن انخفاض عدد الحالات يعود إلى استحداث تصنيف خاص خلال السنتين الأخيرتين، بالعنف ضد الأطفال، مبينا أنه عن طريق البرنامج الأسري تم تسجيل ما يعادل 188 حالة عنف خلال ستة أشهر لعام 2009.