مع احتدام معركة الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة، وتزايد الاستقطاب السياسي بين القوى السياسية المتناحرة، يبرز المسجد الأقصى المبارك، كورقة سياسية رابحة يحاول ساسة إسرائيل استخدامها لكسب أصوات الناخبين وادعاء وجود حق يهودي في الأقصى. ووعد كثير منهم الناخبين اليهود بالعمل على تمكينهم من أداء الصلاة في الأقصى وإقامة شعائر وطقوس توراتية وتلمودية فيه، مما يشير إلى رغبة مبطنة في إحياء مخطط تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، على غرار ما جرى في المسجد الإبراهيمي في الخليل. ورغم التباين الواضح في أجندة هذه الأحزاب والتفاوت الكبير في برامجها التي أعلنتها لخوض الانتخابات المقررة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، إلا أنها التقت على مطلب واحد حول قضية المسجد الأقصى وحائط البراق، الذي يسميه الاحتلال زورا حائط المبكى، وأخذت تروّج لضرورة انتزاعهما من المسلمين وتكريس السيطرة عليهما.
ويلحظ المتابع لهذا السباق المحموم أن المواقع الإلكترونية والقنوات والصحف الإسرائيلية تحولت إلى حلبة سياسية يعرض فيها المرشحون أجندتهم الانتخابية التي تمحور الكثير منها حول قضية الأقصى ومدينة القدس المحتلة، وذلك من خلال نشر إعلانات انتخابية تتضمن صورا لهم على خلفية حائط البراق، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث اختار إعلانه الانتخابي المتلفز وهو يشعل شمعة عيد "الحانوكا" الذي يرمز إلى تدشين ما يسمى بهيكل سليمان من جديد عام 167 قبل الميلاد كما يزعمون، الأمر الذي كان لافتا جدا، خصوصا وأنه مثل شخصية سياسية بهذا الحجم. وكان نتنياهو قد قال في مؤتمر انتخابي مؤخرا "للشعب اليهودي الحق الكامل في "جبل الهيكل"، ولا يمكن التنازل عن هذا الحق، وأعتقد أن هناك مجالا لتنظيم صلوات لليهود بداخله، وللشعب اليهودي أن ينعم بها، وأنا واثق من تحقيق ذلك". وتعهَّد بأن يعمل في ولايته الجديدة على إيجاد حل يمنح اليهود حرية الصلاة في الأقصى. كما نشر المرشح نفتالي بنيت عن حزب "البيت اليهودي" إعلانا مشابها له ضم صورته الشخصية وبجانبه صورا لجنود إسرائيليين وهم يؤدون شعائر تلمودية عند حائط البراق، فيما نشرت زعيمة حزب "هتنوعاه" الجديد تسيبي ليفني صورة لها أثناء زيارتها لحائط البراق قبل أيام. أما حزب العمل فقد أكد في برنامجه الانتخابي أن الأقصى "حاجة ملحة للشعب اليهودي"، داعيا إلى السماح بأداء الصلوات التوراتية فيه. وبدوره اعتبر حزب "البيت اليهودي" اليميني المسجد المبارك مكانا مقدسا لشعب إسرائيل، وزعم أنه المكان الأول الذي تهوي إليه أفئدة اليهود. وردا على تلك التصريحات قال المتحدث باسم الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحامي زاهي نجيدات "لم يتم اختيار المسجد الأقصى عبثا، إنما لأن لعاب المجتمع الإسرائيلي يسيل لمجرد فكرة بناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك.
ومن جهتها أكدت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" أن الأقصى حق إسلامي خالص للمسلمين وحدهم، ولا يمكن التفريط ولو في شبر أو ذرة تراب واحدة منه، وحذرت من التبعات المستقبلية الخطيرة لهذه المواقف، فهل تتنبه الأمة لما يجري الإعداد له في الخفاء، أم تستيقظ ذات يوم لتجد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين قد هُدم وأصبح أثرا بعد عين؟.