بعيون أرهقتها دموع الحزن، ونظرة تجوب السماء أملا في لقاء فلذة كبده، وبصمت رهيب يحكي نار الفراق التي لها لهب لا يشعر به إلا من اكتوى بناره، يترقب الأب الطاعن في السن عليوي العرجاني، الذي تجاوز التسعين عاما ويعاني من مرض القلب، بادرة الأمل الجديدة التي لاحت في الأفق بعد أن زفت له الجهات الأمنية المختصة نبأ قرب وصول ابنه حصين (27 عاما) من السجون العراقية التي قبع في غياهبها منذ ست سنوات. وأكد ابن عمه صالح بن عليوي العرجاني لـ"الوطن" أمس تلقي أسرة السجين السعودي بالعراق حصين بن عليوي حصين العرجاني، البشرى من الجهات المختصة بمتابعة أوضاع السجناء السعوديين بالعراق، نبأ قرب الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل السجناء بين البلدين، وأن السلطات العراقية نقلت ابن عمه أخيرا إلى سجن مطار بغداد تمهيدا لترحيله إلى المملكة.
وأضاف بن عليوي "نترقب بشغف وصول حصين إلى دولته التي لم تبخل عليه بشيء. ونقلنا بشرى خبر قرب وصوله إلى عمي، الذي دمعت عيناه وتمنى من الله أن يشاهد ابنه الغائب ليكون بين أحضانه ما تبقى من حياته"، بعد أن سمع صوته أكثر من مرة إثر سماح السلطات العراقية له بالاتصال بذويه.
وتعود تفاصيل سجن حصين في العراق إلى منتصف أغسطس 2008، عندما أعلنت الشرطة العراقية أن الشاب السعودي اعترف بعمله مع المخابرات الإيرانية، وهو الأمر الذي نفاه والده، وأكد في برقية بعثها بعد تفاجئه وقتها بالنبأ إلى الأمير محمد بن نايف ونشرتها "الوطن" في حينه، أنه يشكك في هذه التهمة بالنظر إلى عمر ابنه الصغير وعدم وجود بوادر تطرف مسبقة لديه.
"الوطن" التقت والده أمس في هجرة "المشقح" بمحافظة يدمة 186 كلم شمال منطقة نجران، الذي عبر عن شكره وتقديره لوزير الداخلية الأمير محمد بن نايف على متابعته الدقيقة لملف السجناء السعوديين بالعراق، خاصة موضوع ابنه حصين.
وقال "الحمد لله الذي سخر لنا قيادتنا الرشيدة التي تفرح لفرحنا وتألم لألمنا، حيث أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ممثلة في وزارة الداخلية، قضية السجناء السعوديين في العراق جل رعايتها واهتمامها حتى عاد الكثير من أبناء المملكة إلى كنف الوطن الحاني". وأشار إلى أن حصين أسير السجون العراقية منذ ست سنوات، عندما توجه إلى الإمارات بحثا عن الرزق كونه ابني الوحيد ولا يوجد لي عائل بعد الله إلا هو، ومن ثم انقطعت أخباره ولم يفصح عنه إلا بعد ما تفاجأنا بنبأ القبض عليه من قبل السلطات العراقية في قناة العربية. وبعد أن ثبت لدى الجهات الأمنية بالعراق عدم صحة رواية تعاونه مع المخابرات الإيرانية، اكتفت جهات التحقيق بالعراق بتوجية تهمة تجاوز الحدود ودخوله بجواز سفر مزور، ومن ثم حكم عليه بتسع سنوات قلصت بعد ذلك إلى ست، وأصبح يتنقل بين السجون العراقية في الكوفة والبصرة حتى استقر الآن في سجن مطار بغداد. وعبر العرجاني عن اعتقاده بأن ابنه وصل العراق ضمن عمليات المتاجرة بالبشر، وأنه لا يزال أعزب وحاصل على شهادة الكفاءة المتوسطة وبالتالي لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يعرف مجال المخابرات أو التطرف.