في كتب الإدارة التي تدرس في الجامعات العربية مواصفات كثيرة للإداري الناجح... كتب تبدأ بعرض مبادئ الإدارة ثم صفات الإداري... كليات الأعمال تركز على كيف يكون الإداري مميزا وخاصة ما يتعلق بخصائص قيادة فرق العمل. معظم تلك الصفات منقولة من كتب أجنبية وبعضها مساهمات لخبراء عرب.

الممارسة الإدارية في البيئة السعودية قد تكون لها خصائص لا تحويها كتب الإدارة. وهذه صفات "سلبية" تؤثر على الإنتاجية وتؤثر كذلك على تطوير العمل في المؤسسات الحكومية.

قضيت سنوات كثيرة متنقلا بين عدة قطاعات واكتشفت من خلال تلك المواقع الصفات الخطيرة والتي إلى حد ما لم ترد في أدبيات الكتب وتعتبر من أهم الصفات التي يجب أن تعالج وتدرس ويقيم أداء القائد الإداري وفقا لتلك الصفات.

من أولها ما يتصف به بعض القياديين في المؤسسات الحكومية من "الخوف الشديد" من الكفاءات الإدارية التي تعمل في القطاع أو الإدارة التي يشرف عليها!! فيبدأ ذلك القائد الإداري بتسخير كل جهده ووقته وإمكاناته بما يضمن له ألا يعمل قريبا منه أي "سعودي" مؤهل قد يسبب له تهديدا في مستقبله الوظيفي! أو قد يكون بديلا له في يوم ما حتى لو بعد التقاعد! المزعج أنه قد يكون لدى هذا الإداري من الصلاحيات والسلطات ما يمنحه ويساعده على تنفيذ رغباته. وفي الأخير نكتشف أن هذا القطاع أو الإدارة قائمة على موظف واحد، ولا تلبث أن تنهار "الإدارة" بمجرد مغادرته للموقع، ونصرف سنوات طويلة لإيجاد البديل.

كيف نبني منظومة من الكفاءات إلادارية إذا كان هذا السلوك ممارسا في بعض مؤسساتنا الحكومية! القيادات الإدارية هي "بناء" وليست "وصفة جاهزة" نستخدمها متى ما احتجنا لها. إنهم أشخاص نادرون. والقائد الناجح هو من تتاح له الفرصة في التسلسل في الهرم الإداري ويصعد السلم درجة درجة.

هؤلاء "المحاربون للكفاءات" وصلوا لمواقعهم بدعم من أشخاص لديهم القناعة بإعطاء الفرصة، ولكنهم بمجرد وصولهم ببدأون بممارسة أدوار "لها انعكاسات" على العملية التنموية وخاصة جانبها الإداري الذي نحن بأمس الحاجة لتطويره وبناء نماذج إدارية تنقل مؤسساتنا من حالة إلى حالة أخرى.

وزارة الخدمة المدنية عليها دور في هذا الجانب، ولكن الدور الأكبر هو للقيادي الذي يقع على رأس الهرم الإداري، فيجب أن يراقب هذه "السلوكيات" وألا يسمح لمن يحمل هذه "العقدة الإدارية" بالوصول إلى موقع يمكنه من ممارسة "هواياته" الخطيرة.

الجهات الإدارية الأخرى التي لها علاقة ودور رقابي أو استشاري بالأشخاص الذين تطلب ترقيتهم إلى مناصب عليا يجب أن تتفحص الشخص جيدا وليس فقط مؤهلاته. ومتى ما وجدت أن فيه هذه النزعة فلتعتبرها من أخطر "الصفات" ويحرم من هذه الترقية ويبحث عن بديل لديه القناعة أن نجاحه مرتبط بقدرته على مشاركة الرجال عقولهم. يقول أحد علماء الإدارة إن أعظم القادة هم الذين يهتمون بإحاطة أنفسهم بمساعدين ومعاونين أذكى منهم.