مازال الإعلام يدندن محليا وعالميا صبحا ومساء, سرا وعلانية على قضية عمل المرأة، وأنها نصف المجتمع وإذا توقف نصف المجتمع شُلت حركته. ونسينا في خضم ذلك الوهج الإعلامي الشديد والمركز على المرأة العاملة, المرأة الأخرى التي هي أيضا تعمل، ولكنها تعمل بصمت وبلا ضجيج وبفعالية عالية تلك هي ربة المنزل. في البداية أريد أن أتساءل, لماذا نحن نحدد صبغة ونوع العمل, فنقول هذا يسمى عملا والآخر بالمفهوم العام للمجتمع لا يعد عملا. فمن الذي فرض علينا أصلا نظرية أن ربة المنزل ليست امرأة عاملة ذلك المفهوم حتما خاطئ. فهي تعمل على مدار الساعة بثلاثة وظائف على الأقل فهي أُم وربة منزل وزوجة. وهي تؤدي ذلك على أكمل وجه ما استطاعت إليه سبيلا. بل إنها تعمل ذلك كله من أجل الأسرة ثم من أجل بناء مجتمع متماسك. نحن هنا لسنا ضد عمل المرأة على إطلاقه ولكن ضد تهميش دور ربة المنزل. لماذا لم ينصفها الإعلام ولماذا بخس من قدرها وحقها, وجعلها تظهر على أنها ضعيفة مهملة وأن دورها ليس رئيسيا ومحوريّا في المجتمع؟.
لقد ظهرت تلك النظرة السلبية أيضاً مع بدايات الثورة الصناعية في أوروبا. بل حتى شكل المرأة ومظهرها حشروا أنفوهم فيه, فغيروا الأذواق بعد ما كانت المرأة المكتنزة والممتلئة هي رمز الرقة والأنوثة والجمال, أصبحت المرأة النحيفة العاملة بعد النهضة الصناعية هي التي تمثل معيار الجمال.
وهنا مازلت أتساءل أيضا لماذا لا نرى إعلانات في الصحف أو الفضائيات تمدح ربة المنزل, وأنها جزء مهم من المجتمع ولها دور فعّال لا يقل أهمية عن الطبيبة أو المعلمة أو حتى الوزيرة.دائما نتحدث ونلمّع صورة المرأة العاملة وكأننا في المقابل وبصورة اللاوعي نُقلل من شأن تلك المرأة التي ضحت بكل وقتها من أجل أسرتها. نعم هي حقيقة أصدح بها فالإعلام المنطوق والمرئي لم ينصفها ويعطها حقها، فأين المسلسلات أو الأفلام التي تمجد دورة ربة المنزل، وأين الصحف والتقارير والأرقام والإحصائيات التي تبين دورها وعدد ساعات عملها في اليوم والليلة. وأين البرامج التلفزيونية التي تتحدث وبإسهاب عن الفوائد الصحية والنفسية لدورها في البيت؟ بل أين الجوائز والمسابقات المعنوية والحسية التي تقدم لربة المنزل؟
لقد أبدع الجيل السابق من ربات البيوت وأدى دوره على أكمل وجه، ثم أعطى الراية لمن بعده, ولكن لم يحمله إلا القلة منهن فلله درهن، ولعل هناك حسرة تعصر قلوبنا أننا لم ننصفهن ونمدحهن ونمجدهن إعلاميا كما فعلنا مع المرأة العاملة، ولكننا هاهنا نقول وبكل وضوح, إن ربة المنزل هي امرأة عاملة مجتهدة لولاها لم استقرت الأسرة ولا المجتمع, فتحية إكبار وإجلال لكُنّ جميعا.